اقترضت مصر مليارات الدولارات لكى تساعدها فى مخطط التنمية الذى تم تنفيذه فى السنوات العشر الماضية، يجادل البعض فى جدوى المشروعات التى تم الإنفاق عليها، حيث يرون أن ترتيب الأولويات لم يكن مناسباً وأن هذه المليارات ضغطت على مواردنا الاقتصادية بلا جدوى.
مؤخراً، وخلال افتتاح مراكز البيانات والحوسبة السحابية، شاهدنا جميعاً جانباً مماً تم الإنفاق عليه.. هل يمكن القول إن هذه المراكز بلا جدوى؟
مراكز البيانات والحوسبة السحابية تُمكن متخذ القرار، لأول مرة فى مصر وبدعم من توحيد قواعد البيانات الذى تم خلال السنوات الأخيرة، من رؤية احتياجات الدولة ومواردها بدقة.
هذه الميزة البديهية فى كثير من دول العالم كانت غائبة عن متخذ القرار المصرى بشكل تام، وكان الاعتماد على العنصر البشرى فى أغلب الأوقات فى جمع وتحليل البيانات واتخاذ القرارات.وإلى جانب التأثير السلبى الحتمى على فاعلية القرار ودقته فى هذه الحالة، سيكون متخذ القرار مضطراً لتأخير استجابته لأى طارئ بسبب غياب الصورة الكاملة، حيث يتطلب الحصول عليها وقتاً ربما لا يتناسب مع ضرورة الاستجابة الفورية.
كل هذا أصبح من الماضى، الدولة المصرية الآن باتت تمتلك عقلاً واحداً وذاكرة موحدة، فضلاً عن قدرة على استدعاء وتحليل البيانات بكفاءة وقدرة تتفوق على قدرة العقل البشرى على الاستيعاب.
مراكز البيانات تتكامل مع الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة لتحقيق الاستجابة الفورية لأى طارئ، كما أنها تُنهى ظاهرة الجزر المنعزلة التى كانت تعمل من خلالها الدولة لعقود من الزمن، عبر أنظمة منفصلة وقواعد بيانات معزولة لدى كل جهة.
ما نتحدث عنه يساهم فى حل مشكلة البيروقراطية والروتين، ويؤدى بشكل طبيعى إلى تقليل تدخُّل العنصر البشرى، وبالتالى دفع جهود مكافحة الفساد، فضلاً عن رفع كفاءة الخدمات المقدمة للمواطن.
الدولة المصرية باتت الآن قادرة على رؤية واقعها بشكل مفصل ودقيق، وهى أيضاً قادرة على تحديد مواردها وحشدها فى الاتجاهات المطلوبة بدقة، بما يقلل الهدر الذى يمكن أن يحدث من سوء توزيع الموارد وعدم توجيهها بشكل دقيق.كل ما سبق لم يكن ليتحقق بدون العاصمة الإدارية، فالبنية التحتية للمقر الإدارى القديم لا تسمح بتطبيق أى مما سبق.. فالسؤال الآن: هل كانت الدولة فعلاً مخطئة فى تحديد الأولويات؟