منظمة «مراقبة الأمم المتحدة» التى عقدت «اجتماع المطعم السرى» فى «جنيف» ضد الأونروا، عملت منذ تأسيسها عام (1993) فى العاصمة السويسرية لعدة سنوات، تحت مظلة «المؤتمر اليهودى العالمى» قبل أن تعمل لاحقاً تحت ولاية «اللجنة اليهودية الأمريكية»، وتم اعتمادها كمؤسسة غير حكومية بمجلس الأمم المتحدة الاقتصادى والاجتماعى، والمدير التنفيذى للمنظمة يدعى «هليل نوير»، ويشرف على كيان آخر تحت مسمى «قمة جنيف للديمقراطية وحقوق الإنسان»، ويعمل هذا الكيان كتحالف يضم (25) مؤسسة غير حكومية، كلها تعمل فى خدمة السياسة الإسرائيلية.
ويشارك منظمة «مراقبة الأمم المتحدة» فى الهجوم العنيف على الأونروا مؤسسة أخرى تم تأسيسها عام 1983، تحت مسمى «مركز الشرق الأدنى لأبحاث السياسات»، ويشرف عليها صحفى إسرائيلى، أمريكى المولد يدعى «ديفيد بدين»، وهو أمريكى المولد.
ويكثف هذا المركز جهوده فى إعداد الأبحاث «العلمية» لتشويه سمعة «الأونروا» وشيطنتها، واختلاق الأدلة على أنها تحضّ على الكراهية والعنف، وإنها أحد أسباب إطالة أمد الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، وتسعى من خلال مناهجها التعليمية وطواقمها ومعلميها لتدمير الكيان الإسرائيلى، وأنها شريكة «بالإرهاب»، ومن هذا المركز انطلق أول الاتهامات بضلوع موظفين من الأونروا فى هجوم (7) أكتوبر.
ومنذ بداية العدوان الهمجى على غزة قبل ستة أشهر، كثفت المؤسستان نشاطهما فى إنتاج أبحاث ودراسات، وعقد مؤتمرات ولقاءات، والاشتباك بمداخلات أمام أجهزة الأمم المتحدة المختلفة، واستئجار أقلام صحفية فى الدوريات العالمية، وإنتاج الفيديوهات المضللة، وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعى، للضغط فى اتجاه تكوين رأى عام ضد الأونروا.
فى «اجتماع المطعم السرى» فى «جنيف»، وجه «نوير» المدير التنفيذى لمنظمة «مراقبة الأمم المتحدة» هجومه ضد «أنطونيو جوتيريش»، الأمين العام للأمم المتحدة، الذى كان على مرمى حجر، يفتتح الدورة الـ(55) لمجلس حقوق الإنسان، قائلاً: «أنت تقول إن أونروا لا يمكن الاستغناء عنها، وإنها حيوية بالنسبة للفلسطينيين، وذلك رغم مشاركة (42) من العاملين بها فى هجمات 7 أكتوبر، ووجود ما بين (1200) و(1500) موظف فى الوكالة ضمن أعضاء حركتى «حماس والجهاد الإسلامى».
وقال «دينيس روس»، مبعوث الرئيس الأمريكى الأسبق «بيل كلينتون» للشرق الأوسط: «إذا حافظت أونروا على الدور نفسه الذى تلعبه اليوم فستسمح لحماس بالعودة، وستكون إعادة إعمار غزة مستحيلة»، ودعا «روس» إلى إما إجراء تغييرات جذرية فى هيكل وبنية عمل المنظمة الأممية، أو الاستفادة من منظمات مثل «برنامج الغذاء العالمى» و«المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين» كبدائل لأونروا.
وإسرائيل تصدر المشهد للعالم كله، وكأنها تحاصر الأونروا، وتسعى للقضاء عليها، كعقاب لأهالى غزة، ضمن حربها على القطاع، والتى قال عنها «فيليب لازارين» مفوض الوكالة: «خرقت كل الخطوط الحمراء، وقلبت حياة مليونى شخص فى غزة رأساً على عقب بين عشية وضحاها»، وإذا كان هذا هو الهدف المعلن والظاهر، لكنه ليس الهدف الرئيسى الذى هو أعمق من ذلك بكثير، وتساعد إسرائيل على تحقيقه كل المنظمات الصهيونية فى العالم.. وللحديث بقية.