4 وجوه لـ خالد محيى الدين.. الثاني: نائب الأمة
مكتبه كان يتلقى شكاوى من مختلف المحافظات وليس دائرة كفر شكر فقط
خالد محيي الدين.. نائب الأمة
بعد أن عاد خالد محيى الدين من سويسرا التي ذهب إليها، حسبما يروي في مذكراته «.. والآن أتكلم»، بناءً علي اتفاق مع جمال عبدالناصر، إبان أزمة مارس 1954 التي تمحورت حول عودة الأحزاب السياسية من عدمه، وبعد أن استتبت الأمور لثورة يوليو لاحقاً، سأل «عبدالناصر» زميله القديم في تنظيم الضباط الأحرار، عما يريد فعله، بعد العودة، فأخبره «محيى الدين»، أنه يريد أن يعمل في الحياة العامة ويرشح نفسه لمجلس الأمة، وهو ما وافق عليه عبدالناصر.
اليوم، بينما تحتفل مصر بذكرى مئوية ميلاد خالد محيى الدين في 17 أغسطس 1922، نرصد أحد أبرز وجوهه التي شهدتها مسيرته الطويلة، وهى وجه «نائب الأمة»، الذي يدافع عن حقوق كافة المواطنين في وطن حر وعدالة اجتماعية، وليس حقوق ومطالب أهالي دائرته الانتخابية في كفر شكر فحسب.
عبد العال: تعلمنا منه تقديم بدائل للسياسات التي نعترض عليها
ويقول سيد عبدالعال رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ إن محيى الدين كان صاحب مدرسة في المعارضة الوطنية النزيهة وزعامة المعارضة داخل البرلمان.
ويضيف في حديث لـ «الوطن»، أنه يجب احترام الجماهير التي تنتخب النائب البرلماني، مع الحرص على التواجد بينها.
ويتابع «عبد العال» قائلا إن محيى الدين كان يهتم بجانب العمل السياسي بالجوانب السلوكية للمعارض وعضو الحزب أو التجمعي، سواء كان عضوا في البرلمان أو عضو عادي في الحزب، وأنه يجب أن يكون قدوة لغيره في السلوك الشخصي قبل الممارسة السياسية المنضبطة.
ومن أشهر الأقوال المأثورة لـ محيى الدين، وفق ما يقول «عبد العال» أن «المعارض لا يردد جمل رنانة، وقبل أن يعارض أى جهة يجب أن يكون لديه بديل يقدمه حتى يحظى حديثه باحترام».
دوره الوطني تجاوز تمثيله لدائرة كفر شكر بالبرلمان
ويحكي عماد فؤاد، مساعد رئيس حزب التجمع للإعلام، كيف كان خالد محيى الدين برلمانياً قديراً، ويمارس دوره كنائب عن الأمة بكل إخلاص، مؤكداً، على سبيل المثال، أنه لم يعتبر نفسه ممثلاً فقط لمسقط رأسه، دائرة كفر شكر بالقليوبية، التي مثّلها عدة دورات منذ عام 1957 حتى عام 2005، وكان مكتبه يتلقي طلبات المواطنين وشكاواهم من أنحاء الجمهورية.
ويقول مساعد رئيس حزب التجمع للإعلام: كان خالد محيى الدين بصفته نائباً معارضاً يهتم كثيراً بإعداد رد موضوعي على بيان الحكومة أمام البرلمان، وكان يعقد اجتماعات متتالية مع كبار الاقتصاديين في الحزب، ومن بينهم الدكتور فؤاد مرسي، والدكتور إسماعيل صبري عبدالله، والدكتور جودة عبدالخالق، ليتضمن الرد سياسات بديلة لسياسات الحكومة.
نموذج للمعارض الوطني دون صراخ أو مزايدة
ويضيف «فؤاد»: كان خالد محيى الدين في كل ممارساته تحت قبة البرلمان يقدم دائماً النموذج الحي للمعارض الوطني الموضوعي دون صراخ أو مزايدة، وأتذكر ما فعله معي قبل ما يقرب من 20 عاماً.
في ذلك الوقت أسفرت انتخابات برلمان عام 2000 عن فوز كل من حزبي الوفد والتجمع بعدد متساوٍ من النواب لكل منهما، وكان يكفي أي منهما انضمام أحد النواب لهيئته البرلمانية، ليمنح له زعامة المعارضة رسمياً تحت قبة البرلمان، ولأنني بجانب عملي كمحرر برلماني لجريدة «الأهالي» كنت أتولي مهمة سكرتير الهيئة البرلمانية لحزب التجمع، انشغلت كثيراً بحكاية زعامة المعارض، وفي حوار عابر مع أحد النواب المستقلين، عرض علىّ أن ينضم للتجمع، وتحمست لحديثه وصحبته إلي البهو الفرعوني حيث يجلس الأستاذ خالد محيى الدين، وطرحت الموضوع عليه وكأنني أقدم له زعامة المعارضة علي طبق من ذهب.
فجأة، حسب «فؤاد»، اختفت الابتسامة التي كانت جزءاً من ملامح محيى الدين، وقال للنائب: يسعدنا انضمامك لنا، لكنني لا أملك رداً الآن، وسأعرض الموضوع علي الأمانة العامة للحزب؛ صاحبة القرار، وسأله النائب: ومتي يتم ذلك؟.. ليجيب الأستاذ خالد: بعد 3 أشهر من الآن!. وانصرف النائب المستقل مستشعراً ما قصده خالد محيى الدين بالرفض، ثم التفت لي الأستاذ خالد بعدها، يكمل «فؤاد»، وبلهجة حادة قال: «عايز ينضم لنا واحد شتام.. فاكر إن المعارضة ردح وتطاول وقلة قيمة.. ده زي لاعب الكرة الغشيم، يجيب إجوان في فريقه لحساب المنافس»، ورددت عليه - والكلام لـ«فؤاد»: «أنا جايب لحضرتك زعامة المعارضة»، فرد بسرعة: «لأ انت جايب لحضرتي مصيبة.. حضرتك جايب للحزب قنبلة موقوتة تفجره».
ويضيف «فؤاد»: صباح اليوم التالي استدعاني الدكتور رفعت السعيد، أمين عام الحزب الراحل، وطلب مني الاعتذار للأستاذ خالد، لكن الأخير قال لي: «مش عايزك تعتذر.. بس عايزك تفهم.. النائب ده بالنسبة لي غير مريح.. وغير إنه شتام، فهو لا يحلو له الهجوم إلا وهو في الخارج.. هو لا يعارض، لكنه يحرض الخارج علي الدولة، وإللي زي ده قلّته أحسن».