فى بيت اليسار المصرى.. حضور دائم للزعيم المؤسس خالد محيى الدين
الراحلان خالد محيى الدين ورفعت السعيد
بدت روح مؤسس وزعيم حزب التجمع، الراحل خالد محيى الدين، حاضرة بقوة فى المقر المركزى للحزب، بكل حجراته وأركانه وتفاصيله، وذلك رغم مرور أكثر من 4 سنوات على رحيله فى 6 مايو 2018، وغيابه قبلها بسنوات عديدة أخرى، بسبب مرضه، عن الحزب الذى أسسه عام 1977 ليواصل من خلاله نضاله من أجل وطن يتمتع بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
فى المقر المركزى لحزب التجمع بوسط القاهرة، الذى كان فى السابق مقراً لـ«الاتحاد الاشتراكى»، كان مكتب محيى الدين بسيطاً وخالياً من التكلف، ومن بعده حافظ رئيسا الحزب التاليان «رفعت السعيد وسيد عبدالعال» على اتخاذه مكتباً لهما.. ولعل بساطة المكتب وتواضعه يقتربان مما كان يتمتع به محيى الدين من هدوء وتواضع، وكانت تلك الصفات أيضاً أحد أسرار حب الناس له، مثلما كانت تشى ملامحه البشوشة الودودة التى بدت فى صورته التى لا تزال تتصدر المكتب.
فى مكتب «أستاذ خالد»، كما يحب أن يصفه «التجمعيون»، أخذ رئيس الحزب الحالى سيد عبدالعال يحكى كيف أن المكتب كان فى الأصل جزءاً من ملحقات مكتب كبير لرئيس الاتحاد الاشتراكى، لكن «محيى الدين» الذى سبق أن فضّل أن يترك مقعده فى السلطة فى مجلس قيادة ثورة 23 يوليو سابقاً، انحيازاً لما كان يعتقد أنه فى مصلحة الثورة ومصر والشعب، اختار أن يكون مكتبه إحدى الحجرات الصغيرة الملحقة بالمكتب الكبير، ويترك الأخير ليكون القاعة الرئيسية للاجتماعات بالحزب، التى كانت تشهد وضع اللمسات النهائية على الاحتفال بمئوية مؤسس الحزب المولود فى 17 أغسطس 1922.
«عبدالعال»: انضممت إلى حزب التجمع قبل معرفة برنامجه السياسى ثقة فى الأستاذ خالد
يتذكر رئيس حزب التجمع الحالى كيف جاء إلى الحزب لأول مرة وهو طالب فى الجامعة، فى نفس السنة التى تم تأسيس التجمع فيها، عام 1976، قبل أن يعرف برنامج الحزب، بناء على ثقته فقط فى السمعة والتاريخ الوطنى الحافل لمؤسس الحزب الأستاذ خالد محيى الدين.
ويشرح «عبدالعال» كيف كان محظوظاً بالتحاقه بحزب يرأسه «محيى الدين»، الذى كان له اهتمام خاص بالشباب، لدرجة أنه كان بمجرد مجيئه لمقر الحزب يجمع الشباب الموجودين بالمقر فى مكتبه ليسألهم عن أحوالهم: «الكلية أخبارها إيه؟.. واشتغلت ولا لسه؟.. وأخبار الجواز؟»، وهو الاهتمام الذى ظهر أيضاً فى دفعهم لتأسيس «اتحاد الشباب التقدمى» الذى كان أول منظمة شبابية حزبية فى الأحزاب التى ظهرت آنذاك.
أشياء كثيرة تعلّمها شباب حزب التجمع، الذين أصبحوا قياداته الآن، من زعيمهم الراحل، كما يوضح عبدالعال، أولها اهتمامه بالجوانب السلوكية فى عضو الحزب، وتأكيده على أنه لكى يكون عضواً جيداً فى الحزب، يجب عليه إذا كان طالباً أن يكون طالباً جيداً، أو موظفاً جيداً، أو عضواً جيداً فى أسرته.
«سعيد»: تعلمنا منه أصول المعارضة الوطنية وأن الانتماء للوطن والمناصب ليست هدفاً
أما على المستوى السياسى، فقد كانت الدروس التى تعلموها من «الأستاذ خالد»، ولا تزال باقية معهم للآن، كثيرة أيضاً، ومن بينها أن المعارض يجب أن يفكر أولاً فى البديل، وأن الكلام يجب أن يخرج من فمه «مغسولاً بالماء والصابون»، هذا فضلاً عن تأكيده على أن المعارضة للحكومة أو السلطة يجب ألا تمس سلامة الدولة أو تؤدى لإضعافها.
أما عن توجه الحزب الذى خطه محيى الدين، فيقول رئيس الحزب الحالى: أستاذ خالد اختار أن يكون التجمع غير مرتبط بأيديولوجية أو عقيدة فكرية معينة، وإنما فضّل أن يكون حزباً لكل الوطنيين المصريين من منابع فكرية مختلفة سواء التيار الماركسى، أو الناصرى القومى، أو الإسلامى المستنير، أو الوطنى بشكل عام، وهو ما مكّنه من أن يشكل حزباً قوياً يتسع لكل من هو ضد الاستعمار ومع التنمية وحقوق الطبقة الوسطى والطبقات الشعبية والوحدة العربية، وكل ما يتصل بالدور الإقليمى والدولى المتميز لمصر.
هذا التوجه الرحب المتميز الذى خطه محيى الدين، فضلاً عن شخصيته وتاريخه الوطنى الناصع، هو ما مكّنه من أن يجمع داخل الحزب كوكبة من الكتاب والمفكرين والفنانين الذين لم يكن لشخص آخر أن يجمعهم من أمثال يوسف شاهين وصلاح أبوسيف ونور الشريف ونادية لطفى ونعمان عاشور وأديب ديمترى وعبدالرحمن الشرقاوى
فى حجرة الأمين العام للحزب محمد سعيد، المطلة على البهو الرئيسى، كانت صور خالد محيى الدين تغطى الجدران أيضاً، مثلما كانت قيمه ودروسه وتعاليمه التى ورّثها للأجيال التالية من الحزب حاضرة كذلك، كما يشير سعيد، وفى مقدمتها: الانتماء للوطن والتضحية فى سبيله وبذل كل الجهد دفاعاً عنه.
ويضيف الأمين العام للتجمع: تعلمنا من الأستاذ خالد الكثير جداً، ومن بين هذا الكثير أن معارضتنا لأى موضوع لا بد أن تكون موضوعية، بلا سباب أو شتيمة، كما أن المناصب ليست الهدف فى كل الأحوال، لا سيما أنه كان أول رئيس حزب فى مصر يتخلى عن موقعه كرئيس للحزب طواعية، نظراً لأنه يؤمن بالديمقراطية وتطور الأجيال.