مكتب ومضيفة خالد محيى الدين على حالهما منذ رحيله.. وقبره بسيط وخالٍ من البهرجة
الاستراحة التى كان يقضى بها معظم أوقاته
داخل مكتب خالد محيى الدين فى كفر شكر، يبدو الزمان كأنه توقف عند نهاية التسعينيات، عندما كان صاحب المكتب فى قمة توهجه كزعيم للمعارضة الوطنية فى البرلمان وملء السمع والبصر فى مصر كلها.
كل شىء هنا على حاله منذ رحيل صاحبه قبل 4 سنوات، المقاعد والمكاتب ودواليب حفظ الأوراق ولون الجدران والأبواب والأثاث القديم.. كلها مازالت بوضعها الذى كانت عليه فى حياة محيى الدين.
داخل إحدى غرف مكتب محيى الدين، تعلو صورته مكتباً ما زال على حاله حتى اليوم، الصورة يبدو فيها وهو يرتدى بدلة «تفصيل»، تسمى «سفارى»، وهى البدلة التى اشتهرت بها الطبقة المتوسطة من الستينات إلى التسعينات.
كثرة عدد المقاعد الموجودة داخل المكتب بصالته وغرفه المختلفة تعكس العدد الكبير الذى كان يتردد على المكتب، سواء كانوا مواطنين يحتاجون إلى خدمات من نائب الأمة أو أعضاء حزب التجمع الذين كان يلتقى بهم الراحل فى مكتبه.
وفى ناحية أخرى من المكتب، يوجد تمثال علوى مجسَّم للزعيم جمال عبدالناصر، موضوع على قاعدة حجرية وأمامه طاولة اجتماعات.. وفى مواجهة تمثال عبدالناصر توجد صورة معلقة على أحد جدران المكتب عبارة عن إهداء من أحد محبيه، وتحتها عبارة «إلى خالد محيى الدين.. خمسون عاماً من النضال».
من هنا، من كفر شكر، وصل محيى الدين إلى البرلمان محمولاً على الأعناق لعشرات السنين، احتفظ خلالها بموقعه كزعيم للمعارضة الوطنية، ونظراً لوجوده الدائم بين أهله فى كفر شكر وإقامته معهم بشكل شبه منتظم، كان المركز وجهة للزعماء والسياسيين من مصر وخارجها، الذين كانوا يحرصون على الالتقاء بخالد محيى الدين فى مسقط رأسه.
رفاق الراحل من القيادات السياسية والشعبية بمركز كفر شكر فى محافظة القليوبية أكدوا، فى لقاءات لهم مع «الوطن» على هامش الاحتفال بمئوية ميلاد محيى الدين، أن الراحل كان يلتقى بهم أسبوعياً فى مضيفة محيى الدين العريقة والمعروفة باسم «التختبوش»، وأنه كان يحضر من القاهرة يوم الأربعاء أسبوعياً لقضاء حوائجهم، كما كان يفتح مكتبه لهم فى القاهرة يومى الاثنين والثلاثاء لمن لا يتمكن من الالتقاء به فى كفر شكر.
وفى نهاية المطاف، وبعد حياة عامرة بالنضال الوطنى، كان قرار محيى الدين بألا يُدفن إلا فى مسقط رأسه بين أهله وناسه الذين عاش بينهم مؤمناً بهم وواثقاً فيهم ومعتمداً عليهم فى كل خطواته. فى أطراف مركز كفر شكر، تقع مقابر آل محيى الدين الشهيرة بـ«عزبة محيى» فى القليوبية.. مقابر العائلة عبارة عن حوش كبير تصطف بداخله عدة مدافن حمل كل منها اسم أبرز المدفونين فيها، فهذا مدفن زكريا محيى الدين وإلى جواره شقيقه خالد، وإلى جوارهما مدافن باقى أفراد الأسرة.
داخل المدافن تسرى فى نفس الزائر طمأنينة وهدوء ربما كان نابعاً من السيرة الطيبة والحسنة التى يتمتع بها آل محيى الدين بشكل عام وخالد محيى الدين بشكل خاص فى نفوس أهالى كفر شكر، الذين لا يتوقفون عن الترحم على روحه ويدعون له بواسع المغفرة، جزاء ما قدم لوطنه وناسه من الفقراء والمهمشين.