رغم كل التحريض الإعلامى الصهيونى على مصر، والتصريحات العدائية الحمقاء لوزير المالية الإسرائيلى المتطرف «بتسلئيل سموتريتش»، وتهديد رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» باجتياح مدينة رفح الفلسطينية، ذلك التهديد الذى يطلقه على مدار الساعة منذ شهور، ولم يحدث الاجتياح، وكل تقديرات الخبراء العسكريين والاستراتيجيين ترجح عدم حدوثه، وتحذر إدارة الرئيس الأمريكى «بايدن» إسرائيل من الإقدام على تلك الخطوة، انطلاقاً من الرفض المصرى الذى «وضع العقدة فى المنشار» كما يقول المثل الشعبى.
تعرف إسرائيل جيداً مكامن الردع المصرية التى تنطلق منها القاهرة فى تعاملها منذ اليوم الأول للعدوان الهمجى على غزة، كما تعرف أن «الخطوط الحمراء» التى وضعها الرئيس عبدالفتاح السيسى لها ما وراءها.
الخط الأحمر الأول الذى وضعه «السيسى» بحسم تمثّل فى رفض مصر مخطط تهجير الفلسطينيين، وعلى الفور خرجت التصريحات الرسمية من «واشنطن» لتؤكد «تفهمها» لوجهة النظر المصرية، وتراجعت إسرائيل، وخفتت أصوات الداعين -و الداعمين- للمخطط.
وفور أن كشف «نتنياهو» أوائل فبراير الماضى عن نيّته شن هجوم على رفح، بزعم تصفية كتائب لحركة «حماس» أعلنت مصر رفضها القاطع لتلك الخطوة، وأكدت استعدادها للتعامل مع كل السيناريوهات، وخرج سلاح الردع الأول من مكمنه، وأشار بيان وزارة الخارجية المصرية إلى أن مخاطر الهجوم على رفح «ستضر مصالح الجميع من دون استثناء».
فسرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية تلك العبارة من خلال دبلوماسى غربى كبير فى القاهرة -لم تذكر اسمه- ونقلت عنه «إن المسئولين المصريين حثوا نظراءهم الغربيين على إبلاغ إسرائيل بأنهم يعتبرون أى تحرك لإجبار سكان غزة على العبور إلى سيناء بمثابة انتهاك من شأنه أن يعلق فعلياً اتفاقية السلام بين البلدين».
وفى حديثه لموقع «الحرة» قال اللواء أحمد العوضى، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بالبرلمان المصرى، إن «لدى مصر أوراق عديدة وكافة أجهزة الدولة مستعدة منذ السابع من أكتوبر لمواجهة كافة السيناريوهات، ولفت إلى تفويض الشعب المصرى للرئيس، عبدالفتاح السيسى، من أجل الحفاظ على «الأمن القومى المصرى والقضية الفلسطينية»، وأكد أن «مصر التى دعمت القضية الفلسطينية منذ عام 1948، سوف تستمر فى دعمها»، وأشار «العوضى» إلى احتمالية «تعليق» اتفاقية السلام مع إسرائيل، وقال: إن القاهرة لن تكتفى بـ«الشجب والإدانة» كما يعتقد البعض.وكشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية، تفاصيل الخلاف الحاد بين «نتنياهو» و«هرتسى هاليفى» رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلى، خلال اجتماع مجلس الحرب فى «تل أبيب»، لمناقشة الرغبة فى اجتياح رفح.ونبه «هاليفى» إلى أن إعادة تعبئة قوات الاحتياط تحتاج لوقت طويل، كما أن مثل تلك العمليات البرية تستدعى الاهتمام بالجوانب السياسية، سواء كانت فى الداخل الإسرائيلى، أو فى الخارج، ومع مصر، فى المقام الأول.
وانتقد رئيس الأركان بوضوح سياسات «نتنياهو» وقال: «إن هناك قضايا سياسية يحتاج المستوى السياسى إلى حلها أولاً، قبل أن يقوم الجيش بما هو مطلوب منه»، واتهم رئيس الوزراء الجيش بالمماطلة فى تنفيذ تعليماته.وأكدت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أن قادة الجيش يرفضون اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، تجنباً للصدام مع مصر، وهذا ما يخشون حدوثه، بسبب مكمن الردع الثانى والأهم.وللحديث بقية.