بعد الإعلان عن تعرُّض طائرة الرئيس الإيرانى لحادث أثناء زيارته لإحدى المدن الإيرانية أصدرت الخارجية المصرية بياناً تضامنياً أعربت فيه عن دعمها لإيران وتمنياتها بالسلامة للرئيس إبراهيم رئيسى ومرافقيه.. لم تتجاهل مصر الحادث ولم تتأخر لوقت طويل حتى إصدار بيان، ولم تكتفِ بالمراقبة والمتابعة، بل تفاعلت مع الأمر بما يليق بأخلاقيات السلوك القويم بشكل عام وبين الدول بشكل خاص دون التعلل بعدم وجود علاقات رسمية وتمثيل دبلوماسى أو غيره!
تطور الحادث وانتهى، للأسف، بوفاة الرئيس رئيسى ووزير الخارجية عبداللهيان وعدد آخر من المرافقين، فكان المتوقع أيضاً من الدولة المصرية التى أصدرت بياناً للمشاطرة والتضامن، لم يكن هذه المرة من الخارجية وإنما من رئاسة الجمهورية ذاتها، نقل فيه المتحدث الرسمى عزاء مصر، وأيضاً عزاء الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الحادث مواسياً الشعب الإيرانى وأسر الضحايا، وطبعاً القيادة الإيرانية، قائلاً حرفياً فى مقتطف من البيان:
«وإذ يتقدم السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، بخالص التعازى والمواساة إلى الشعب الإيرانى الشقيق، يدعو الله عز وجل أن يتغمد الرئيس الإيرانى الفقيد والراحلين بواسع رحمته، ويلهم أسرهم الصبر والسلوان، معرباً عن تضامن جمهورية مصر العربية مع القيادة والشعب الإيرانى فى هذا المصاب الجلل»، وبالطبع نلحظ التعازى باسم الرئيس عبدالفتاح السيسى نيابة عن مصر وشعبها، وكذلك وصف الشعب الإيرانى بـ«الشقيق» رغم عدم وجود علاقات رسمية بيننا حتى الآن!
وأى قراءة أو تحليل لمضمون البيانات المصرية الرسمية بشقيها «الخارجية المصرية» و«الرئاسية» فى التعامل مع كافة أحداث العالم نجد مساحة مهمة للتعامل وفق أخلاقيات ثابتة تدين العنف والإرهاب والخروج عن الشرعية وعن القانون والعبث بأمن الشعوب واستقرارها، لذلك ستجد فى أرشيف الأخبار عينة تقول «مصر تدين الهجوم الإرهابى»، فتجده مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقى، وستراه ضد الهجوم الإرهابى الذى استهدف فندقاً فى العاصمة الصومالية مقديشو، وضد الهجوم الإرهابى فى باكستان.
وستراه رفضاً للهجوم الإرهابى الذى وقع بقاعة للحفلات الموسيقية قرب موسكو، وضد التفجير الذى جرى فى إسطنبول، وقبل يومين ضد محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا، وفى كل ذلك تشاطر مصر شعوب هذه الدول أحزانها وتعلن تضامنها، وهو ما جرى أيضاً فى كل المرات التى تعرضت فيها دول أخرى إلى كوارث طبيعية، ربما آخرها تركيا وسوريا والمغرب وليبيا، حيث كانت مصر هناك تمد يد العون بالمساعدة على الأرض، بلغ ذلك فى مرات سابقة إلى الدعم لكل من باكستان والصين فى أقصى الأرض!
مصر فى سياستها الخارجية تتعامل وفق قيم محددة وثابتة أخلاقياً وإنسانياً وقانونياً بغضِّ النظر عن مستوى علاقاتها مع الآخرين أو حجم التمثيل الدبلوماسى تقدم سبل التعاون على المشكلات والأزمات حتى صارت مثالاً فى العلاقات الدولية.