يُحدد عُمر أى نجم بمقدار مخزون الهيدروجين داخله. وشمسنا هى نجم متوسط الحجم دورة حياته الكُلية حوالى عشرة مليارات سنة، قضى منها بالفعل نصف المدة (لا تقلق عزيزى القارئ، لن تخرج لحُسن السير والسلوك)، حين تموت الشمس نموت نحن معها وننقرض، إن كنا ما زلنا هنا أصلاً.
مر كوكب الأرض بخمسة انقراضات كبرى فى خمسة عصور جيولوجية مختلفة، كل منها أنهى جزءاً من الحياة على الكوكب. من المرجّح أن الانقراض الأول كان بسبب حركة القارات، والثانى والرابع لتغيّر المناخ، والثالث لتفشى غاز ثانى أكسيد الكربون والغازات السامة والخامس بفعل اصطدام نيزك.
ثالث الانقراضات، بالعصر البرمى، كان هو الأعنف والأشرس وسُمى «الموت العظيم»، وقضى على نسبة ضخمة من أشكال الحياة على الأرض، وكاد أن يُحول الكوكب إلى ما يشبه كوكب الزهرة الآن، كرة قاحلة شديدة السخونة.. حدث هذا الانقراض منذ حوالى 252 مليون عام وقتل 57% من كل العائلات، و83٪ من كل الأجناس، وما بين 90٪ إلى 96٪ من الأنواع جميعها بشكل عام.. كان لهذا الموت العظيم أثر تطورى كبير على كوكب الأرض؛ حيث أنهى أفضلية الزواحف التى تشبه الثدييات، وخلقت تلك الفجوة فرصة للأركوصورات، وهى الديناصورات والديناصورات الطائرة والتمساحيات والسحالى، لتصبح المسيطرة، وانتظر الكوكب كثيراً حتى انقرضت هذه الكائنات بفعل النيزك الشهير.
أسباب الانقراض الثالث كثيرة، منها أن العصر السابق لعصر الانقراض الثالث شهد تطوير الأشجار لآلية جديدة لترتفع بشدة بحثاً عن المزيد من ضوء الشمس، وذلك عبر تكوين مادة «الليجانين» فى سيقانها، وهى مادة صلبة تدعم الشجرة، وحين ماتت تلك الأشجار لم تتمكن البكتيريا والفطريات -لملايين السنين- من أكل وتحليل تلك المادة القاسية، وبالتالى تراكمت كميات هائلة من الأشجار، مُخزن داخلها عنصر الكربون، وطُمر كل هذا تحت الأرض متحولاً إلى فحم.
فى العصر التالى، عصر الانقراض الثالث، ثارت البراكين، فى منطقة سيبيريا الحالية، لمئات الآلاف من السنين، وطمرت الحمم مساحة تتعدى مساحة مصر مرة ونصف، وتدفّقت كميات هائلة من ثانى أكسيد الكربون من فوهات البراكين، ليتم تسخين الغلاف الجوى، فيما تم «طهى» الفحم المُخزّن من العصر السابق، مما أنتج غاز الميثان والغازات الغنية بالكبريت، مع جزيئات الغبار السام والمشعة. وهذا سخن الجو أكثر. وباستمرار التسخين، بدأت قيعان المحيطات فى الذوبان وإخراج ما بها من غاز الميثان ذى القدرة الفائقة على تسخين الجو وتدمير طبقة الأوزون، مما عرض الأرض لتدفقات هائلة من أشعة الشمس فوق البنفسجية القاتلة.. توقفت حركة تدوير مياه المحيطات وأصبحت كلها راكدة فقيرة بالأكسجين، فماتت الكائنات، ولم ينجُ إلا البكتيريا التى تنتج بشكل طبيعى غاز «كبريتيد الهيدروجين»، الذى قتل ما تبقى من الحياة على البر.
يقول العلماء إن الأرض ستواجه يوماً ما موجة انقراض سادسة، فهل هناك فارق كبير بين انقراض جماعة من البشر وحياتهم دون تأثير إيجابى يُذكر؟ (موتى أحياء)، وماذا سيحدث للكوكب الآن لو انقرض كل جنسنا فجأة؟ سيتحسن حاله للغاية (حقيقة). هذا ما سنناقشه فى مقال تالٍ