انتهى شهر رمضان الكريم ونحن بخير..هذه حقيقة أحب أن نتذكرها جميعا، كشكل من أشكال شكر النعمة التي أنعم الله بها علينا.
قبل الشهر الكريم، كانت مستويات القلق ترتفع بشدة مع تصاعد الأزمة الاقتصادية، فبين قلق طبيعي منطقي، ووعيد ومبالغات من المطاريد المجرمين، عاش المصريون لحظات ترقب، خصوصا حينما كنا على أعتاب الشهر الذي تزداد فيه معدلات الاستهلاك، وهو ما يعني ارتفاع الطلب الذي قد يؤثر على الأسعار التي كانت تقفز قفزات كبرى.
البقية يعرفها الجميع.. رأس الحكمة واتفاق الصندوق والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وغيرهم، فكانت النتيجة حصيلة دولارية مُتفق عليها تفوق الـ50 مليار دولار، منها مليارات دخلت إلى البنك المركزي بالفعل.
مر الشهر الكريم على خير، وفاض الرحمن علينا بكرمه، لم نتأزم رغم وجود مشكلة بكل تأكيد، فالأثر كان ضمن قدرتنا على الاحتمال.
ما الذي حدث؟ وأنا هنا لا أقصد الحديث عن النتائج الاقتصادية للصفقات التي تم الاتفاق عليها، ولكن الإجابة أعمق.. جانب مهم من الإجابة في برنامج "حياة كريمة" الذي يقدمه الصديق العزيز أيمن مصطفى.
تقوم فكرة البرنامج الذي أذيع على مدار الشهر الكريم على تقديم مبلغ مالي "500 جنيه" لشخص من أهلنا البسطاء في الشارع، ثم إرسال ممثل آخر يقوم بدور المحتاج أمام بطل الحلقة، فإذا أنفق من الـ500 جنيه لذلك المحتاج، يظهر أيمن مصطفى ومعه مبالغ تراوحت من 20 إلى 100 ألف جنيه كمكافأة لبطل حياة كريمة.
ما علاقة البرنامج بالإجابة عن سؤال "ما الذي حدث؟"
العلاقة وثيقة تماما، ففي كل الحلقات كان بطل حياة كريمة إنسان بسيط، تثقل الديون كاهله، وربما لا يملك في جيبه إلا بعض عشرات من الجنيهات، ولكنه كان ينفق دون تردد، مع يقين تام في أن القدر سيعوضه.
البرنامج عرض نحو 29 نموذجا، وهي عينة عشوائية يصح تماما أن نقول إنها تعبر عن طبيعة المصريين، هذا الإيمان واليقين، ذلك العطاء والكرم رغم الحاجة.. تلك هي الصفات التي تعبر حقا وصدقا عن المصريين مهما قيل عكس ذلك.
هذه الصفات الكريمة -من وجهة نظري- من أهم أسباب الكرم والفضل والحماية التي يحظى بهم هذا البلد طوال الوقت، فما مرت به مصر طوال 14 عاما، شديد الصعوبة والخطورة، يكفي أن هذا البلد كان على شفا حربٍ أهلية في 2013، ثم تبدّلت الأحوال بمعجزة!
الحمد لله على فضله وكرمه ونعمه التي لا حصر لها..