الممثلون الكبار، سناً، يصبحون مثل الخمر المعتق، أحياناً، يزداد حلاوة ونضجاً بمرور الزمن.. أو بالمصطلحات الشعبية «الدهن فى العتاقى».
وصُناع الدراما والأفلام الأذكياء هم الذين يستطيعون إعادة اكتشاف هؤلاء الممثلين «المعتقين» وإعطاءهم الفرصة ليُظهروا قدراتهم الحقيقية التى ربما تكون النجومية أو الاستسهال قد حصراها فى قوالب نمطية لا تتغير.
منذ بداية رمضان لفت الممثل (الكوميديان سابقاً) أحمد عيد الأنظار بدوره اللافت فى مسلسل «الحشاشين»، وبعد بعض الحلقات التى استدعت غيابه أو تراجعه إلى الخلفية، عاد إلى بؤرة الضوء خلال الأيام الماضية، بتلك التحولات التى تمر بها شخصية زيد بن سيحون، وتجعل منها واحدة من أعقد وأعمق شخصيات العام درامياً.
من ناحية أخرى طالما اشتهرت النجمة اللبنانية نور بأدوار الجميلة الرقيقة الباردة، ولطالما اختف لسنوات بسبب قلة هذه الأدوار وتقدمها فى السن. ولكن ها هى تعود فى مسلسل «جودر» بشكل مختلف، كامرأة ناضجة مجربة من نساء الجن الناريات، اللواتى يلعبن بعقول الرجال ومصائر البشر بغمزة من أعينهن أو إشارة بأيديهن، بل إنها، فى أحد المشاهد أيضاً، تمارس القتال اليدوى، على طريقة الجنيات (!)، فتطيح بعشرات الرجال الأقوياء بين قتيل وجريح.
ربما لا ينطبق ذلك على ياسمين رئيس التى تلعب دور «شهرزاد»، وقد كانت الشخصية تحتاج إلى ممثلة أصغر سناً وبراءة وجه، مستعارة ربما من ممثلات حوريات الجنة فى قلعة «آلاموت».
من ناحية ثانية يستعين صُناع المسلسل بالممثلة الكبيرة وفاء عامر، التى نضجت أيضاً على نار هادئة خلال السنوات الماضية، وتخلصت من عصبية الوجه ونبرات الصوت وحركات الجسد الزائدة التى كانت تعيب بعض أدوارها القديمة.
وفاء عامر ظهرت منذ عامين فى مسلسل «جزيرة غمام» (لعبدالرحيم كمال أيضاً) فى دور مميز للغاية، ورغم قصَر دورها كأم «جودر» إلا أنها تلعبه بإتقان. ومن علامات هذا الإتقان أنها تعرف أن أيتن عامر (قريبتها وشبيهتها) كانت تلعب الشخصية فى شبابها، ولذلك تؤدى وفاء عامر الدور بأداء يماثل أداء أيتن، ما يزيد من مصداقية الشخصية والإحساس بها. هذه اللفتة الذكية من وفاء عامر تغيب كثيراً عن الممثلين الذين يلعبون شخصية واحدة فى أعمار مختلفة.
بالإضافة إلى هؤلاء الثلاثة، لا ينسى المرء محمد شاهين الذى لعب دور رجل كهل متزوج من شابة تصغره بكثير فى مسلسل «لحظة غضب»، مطلقاً شاربه الحقيقى (بدلاً من هذه الشعرات الصناعية السوداء التى يلصقها معظم الممثلين المصريين على وجوههم)، مع النظارة الطبية وتكييف لغته الجسدية لتناسب الشخصية، فكأنه وُلد ممثلاً جديداً بهذا الدور!