فى لاهاى.. حدثت تلك الواقعة الطريفة. رد المحامون الإسرائيليون على اتهامات بالإبادة الجماعية للفلسطينيين.. بالادعاء أن مصر منعت دخول المساعدات!
بالتعبير الدارج المصرى «ما تمشيش».. أو «ما تركبش».
العالم كله يعرف كم وقدر الاتصالات التى أجرتها القيادة المصرية لإدخال المساعدات ولوقف العدوان.. ولنصرة الفلسطينيين.
لكن تقول إيه؟
ليس لدى الإسرائيليين كلام. ولما وجدوا أنفسهم وفجأة أمام الجنائية الدولية لأول مرة فى تاريخهم.. أُسقط فيه أيديهم.. أو بالتعبير الدارج مرة أخرى: لم يعرفوا ما الذى يمكن أن يفعلوه.
صحيح.. ماذا يمكن أن يفعل القادة فى إسرائيل والأمور تتجه إلى ما لم يحسبوا حسابه.. ولا تصوروا حدوثه؟
الوضع فى إسرائيل هو الأسوأ على مستوى السياسة وعلى مستوى الشارع.. كما هو على مستوى الجيش. تستطيع أن تقول إن نتنياهو انتهى.. وانتهت معه معظم شخصيات حكومته.
دفنت حرب غزة كثيراً من الوجوه داخل إسرائيل تحت العمارات التى هدموها فى غزة. يكفى أن حسابات اليوم التالى لما بعد تلك المأساة.. لن يذكر فيها اسم نتنياهو إلا بكل سوء.. إن لم يكن نتنياهو نفسه فى السجن.
فى إسرائيل تغلى المياه.. وكلهم أخرجوا السيوف لبعضهم.
حدثان الأسبوع الماضى على قدر من الأهمية.. تلاسن حدث بين قادة الجيش وبين وزراء فى الحكومة.. ومكالمة غاضبة بين نتنياهو والرئيس بايدن انتهت بإغلاق بايدن الخط.. فى وش بيبى.
فى إسرائيل يسمونه بيبى.. وفى الشارع فى تل أبيب بعد موجة كبيرة من الهجوم استعان بعضهم على اسم التدليل.. بإيحاء سيئ.
على كل.. الاستخدام السيئ فى محله.
بعد 7 أكتوبر تغيرت أمور كثيرة فى المنطقة، خصوصاً فيما يتعلق بمزاعم قدرة الجيش الإسرائيلى.
لا قدرة ولا دياولو وجيش تل أبيب وقع من أول خبطة.
عودة للتلاسن فى اجتماع الحكومة حيث وصلت الأمور للسباب بين وزراء وبين رئيس أركان الجيش.
طالب رئيس الأركان بسرعة إقرار زيادة فى ميزانيته.. لمواجهة حماس فى غزة.
رد وزراء باستغراب.. كيف فشل الجيش فى حسم الأمر فى غزة حتى ساعته؟!
يبدو أن رئيس الأركان الإسرائيلى رد بما يوحى بأن ما حدث ليس مسئولية عسكرية إنما مسئولية الساسة أيضاً.
فهم وزراء اليمين أن رئيس الأركان يشير إلى فشل سياسى.. ويلمح إلى أن الجيش لن يتحمل وحده مسئولية سقوط هيبة إسرائيل.
الوضع المتأزم هناك.. ولم يعد استمرار الحرب سوى خيار يطيل أمد الوصول إلى اللحظة التى يقف فيها الشارع الإسرائيلى ليحاسب قادته.. ووزراءه.. ويحاسب نتنياهو نفسه.
يعمل نتنياهو على إشعال المنطقة كلها تثبيتاً لوضعه. اغتيال العارورى إشارة إلى ارتباك شديد فى حكومة الحرب.
فى اجتماع الحكومة إياه.. كاد الأمر أن يصل لاشتباك بالأيدى بين الوزراء ورئيس الأركان. لكن حتى لو كانوا اشتبكوا.. فاشتباكهم أسهل من الاشتباكات على الأرض فى غزة.. وأسهل من الوحل الذى وقع فيه جيش إسرائيل.
المفاجأة الأسبوع الماضى.. كانت فى خروج صواريخ من شمال غزة تجاه المدن الإسرائيلية، بعد ما كانت إسرائيل قد أعلنت تماماً القضاء على كل مواقع حماس فى الشمال!
أضف إلى هذه الواقعة.. مفاجأة قادة إسرائيل خلال الهدنة الماضية من اصطحاب عناصر حماس للأسرى الإسرائيليين.. خروجاً من أنفاق تلاصق نقاط تمركز دبابات الاحتلال.. فى شمال غزة!
هى أكثر من مأساة فى الداخل الإسرائيلى. لذلك فإن قسماً كبيراً من القادة الإسرائيليين باتوا متأكدين أن الأهداف التى وُضعت للحرب فى غزة لم تكن واقعية.. ولا يمكن تطبيقها.
أما الشارع فى تل أبيب فهو مُحبط.. وأهالى الأسرى كل يوم فى مظاهرة شكل.
الجميع وقع تحت أمواج الطوفان. الكل فى ارتباك.. والكل فى مرحلة إلقاء المسئولية على الآخر.
كلام الفريق الإسرائيلى أمام المحكمة الدولية هو الآخر عينة على الارتباك. من يمكن أن يصدق أن بعد كل ما قامت به مصر.. أن القاهرة تمنع المساعدات؟
يا راجل.. بلا قرف.