أزهري يشيد بمشاهد مناظرات «الشافعي» في المسلسل: إمام المجددين.. ونحتاج لمثله اليوم
رسالة الإمام
إذا نطق أصغى الجميع، وإذا تحدّث رجحت كفة كلمته فى ميزان الحوار، يشترط لكى يختلف مع أحد فى نقاش أن يكون الهدف من الجدال هو الوصول إلى الحقيقة، ما جعل الإمام محمد بن إدريس الشافعى يضع بمفرده أساساً لفقه الحوار فى منظور الرؤية الإسلامية، فالحق بالنسبة له غاية يسعى دوماً لها، لا يهمه الانتصار فى الجدال، بل الفوز فى النهاية بالنسبة له هو الوصول للحقيقة فقط، وهو مبتغاه الأول من الحوار، بحسب الدكتور على المطيعى، العالم الأزهرى، الذى قال: «نحن نحتاج لمثله اليوم.. نحتاج إلى هذه المدرسة فى التجديد والانفتاح وقبول الآخر والتعايش».
كان يركز فى تبيان صحيح الدين
تحدّث الدكتور المطيعى عن مناظرات الإمام الشافعى، التى سلطت أحداث المسلسل الضوء عليها، قائلاً إنه كان له منهج خاص فى مناظراته، وله هدف وهو الوصول للحقيقة، فحينما كان يناظر أحداً كان يركز فى تبيان صحيح الدين، والغاية المنشودة لديه هى الحق، وتقوم المناظرة على الجمع بين الدليل النقلى أولاً ثم الدليل العقلى، وكان دائم القول «رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب».
وقال «المطيعى»، لـ«الوطن»، إن الإمام الشافعى لا يرى فى رأيه صواباً محضاً، وفى رأى غيره خطأ محضاً، فالفقه فى أصله يحتمل الاجتهاد، وهو إمام المجددين، فكان من أسلوبه أن يتناظر مع العلماء، وليس الأميين والجهلاء، لأنه كما يقول «لو ناظرتُ عالماً لغلبته ولو ناظرنى جاهل لغلبنى»، لذا كان يعطى كل شخص حقه فى المناظرة، ويخاطب كل واحد على قدر عقله.
كان يناظر على سبيل النصيحة ويؤمن بتعدد المدارس الفقهية
وأضاف العالم الأزهرى أن «الشافعى» كان يناظر على سبيل النصيحة وليس الغلبة، مثلما ناظر إسحاق بن معاوية، وبعدما درس الخصم كلامه أدرك أنه كان على خطأ و«الشافعى» على صواب فأصبح تلميذاً من تلاميذه، وكان الإمام أيضاً لا يرفع صوته فى المناظرة، فكان يرى أن الصوت المرتفع ليس لصاحب الحجة القوية، فالحجة تخاطب العقل ومخاطبة العقل لا تحتاج إلى صياح، بل كان يقارع الحجة بهدوء، وكان خبيراً بنفوس مناظريه ويتعامل معهم على قدرهم.
وتابع أن أكبر دليل على أن الإمام الشافعى لم يتعصب لرأيه أن مذهبه تغيّر حينما جاء إلى مصر عما كان عليه فى العراق، حيث وجد معطيات جديدة جعلت له مذهباً جديداً بمصر خالف به ما كان من اجتهاده فى العراق، وهذا دليل واضح على اتساع أفقه، وعدم تصلب رأيه، وأنه لا يرى أن رأيه صواب ولا يبدله أبداً، وساعده على ذلك أسلوبه البسيط فى النقاش.