فى دولة تجنِّد أجهزة فاعلة لحماية المستهلك من الجشع والممارسات الاحتكارية، ولها دستور يتضمن مادة تؤكد على ضرورة حماية منتجى الغذاء بشراء منتجاتهم بسعر يضمن الربحية، يجب أن يستثمر المنتِج هذه النِّعَم فى تحصيل حقوقه.
ومع تأكيد رئيس الدولة يومياً على ضرورة دعم منتجى الغذاء وتوفيره للمواطنين بسعر رحيم، لم يكن يقصد دعم المستهلك الأجنبى على حساب المنتِج المصرى، أو دعم ممارسات احتكارية لضرب المنتجين وتخريب معاقل إنتاجهم، كما يفعل حالياً بعض تجار البيض والدواجن وبعض مصدرى الصناعات الغذائية، وأهمها الزيتون المربوط حالياً باتفاقية احتكارية لتصديره بأقل من تكلفة إنتاجه، ما دام سيحصل على «دعم الصادرات».
أما سماسرة الدواجن وتجار البيض فقد استمرأوا الممارسات الاحتكارية يومياً، وذلك بالاتفاق بينهم كأطراف متنافسة على ربط الدواجن فى المزرعة عند 25 جنيهاً للكيلو، وطبق بيض المائدة عند 48 جنيهاً، فى وقت تبلغ تكلفة الأول 34 جنيهاً، ومتوسط تكلفة الثانى 70 جنيهاً، لتكون الأهداف سلبية فى مرمى الأمن الغذائى المصرى، الذى ينشده رئيس الدولة.
لا شىء يضمن حق المواطن (منتجاً كان أم مستهلكاً)، سوى الاحتماء بالقانون، وهناك سوابق مسجلة فى الصحيفة الجنائية لعدد من تجار الدواجن وسماسرة البيض، حيث حصل اتحاد منتجى الدواجن على أحكام بتغريمهم مئات الملايين، وتدخلت مصالح الصناعة للحيلولة دون تنفيذ الأحكام، وذلك على أمل استجابة المحكوم عليهم للقواعد الرحيمة بالمنتجين الذين يعملون فى صناعة هى الأهم فى حياة الإنسان، كونها توفر البروتين الشعبى الأقل كلفة، والأعلى على مؤشر الصحة العامة.
الحلول لمشكلات منتجى الغذاء كثيرة، لكن المسئولين المنوط بهم العرض الأمين على صانع القرار الأول، لا يفتحون ملفات الأفكار التى تأتيهم طوعاً من الصحف، إذ غالباً ما يصفونها بأنها «كلام جرائد»، ظنا منهم أنها تفتقر إلى آليات التنفيذ الواقعية.
ومن الحلول التى نعيدها مراراً وتكراراً لمشكلات منتجى الدواجن والبيض والزيتون والفواكه قصيرة العمر:
- اتجاه منتجى الغذاء إلى التصنيع، سواء بالحفظ، أو التجفيف، أو العصر، أو البسترة، سواء للبيض أو الخضر والفواكه والبصل والثوم، لتحقق قيمة مضافة تضمن تعزيز موقف المنتجين فى وجه التجار الذين يصرون على شراء الطازج بأقل من التكلفة.
- فتح اتحاد منتجى الدواجن ملفات الأحكام المتجمدة على تجار البيض وسماسرة الدواجن، وذلك لتنفيذ السابق منها، ورفع دعاوى جديدة تستهدف تشديد العقوبات لمنع جريمة الاحتكار التى جعلتهم يتطاولون فى البنيان، على حساب المنتجين المدينين للبنوك والمهددين بالسجون.
- السماح لمزارعى الزيتون بإقامة مخازن مؤقتة لتعبئة محاصيلهم وحفظها بالتخليل، استثماراً لطبيعة الثمرة التى تقبل الحفظ بالماء والملح لعامين، وبالتالى إطالة أمد البيع طوال العام، وهى ضربة قاصمة للمحتكرين، وضماناً لتوفير الزيتون للمستهلك المحلى على مدار العام بسعر عادل للمُنتِج والمستهلك.
- إعادة نظر الدولة فى الدعم الموجه للصناعات الغذائية، خاصة الزيتون، كون المصدرين يحرقونه بطريقة البيع بالبرميل، مع قصر الدعم على صادرات العبوات الصغيرة التى تحمل «علامة تجارية» محددة، وتحمل شعار «صنع فى مصر».