بريد الوطن.. مُتحرش رغم أنفه (قصة قصيرة)
ازدحام
كانت الطوابير أمام المخبز طويلة، لا يفصل بين الرجال والنساء سوى ممر ضيق، وهناك بعض أنماط من البشر لا يعتقد بأن النظام فى أى عمل يؤتى ثماره، وأن الهرج والمرج هما السمات التى ينبغى لها أن تسود.
وبينما أقلب الأفكار فى رأسى لمحت أمامى مباشرة رجلاً له شارب كث وشعر مجعّد، طويل القامة، حاد النظرات، لمحته يرسل بعينيه رسائل ذات مغزى لامرأة تقف قُبالتنا فى طابور النساء، كنت أعرف الرجل والمرأة، فكلاهما متزوج، ولم تكن تلك هى المرة الأولى التى أشاهدهما فيها على هذا النحو السافر، إلا أن الرجل غالى هذه المرة، وراح يطلق صيحات غضب عارمة فى محاولة لضرب استقرار الطوابير وإحداث هرج ومرج يُسهّل عليه الأمر فى التحرش بتلك المرأة، وبعد جهد مضنٍ استطاع الرجل نيل ما أراد. وفى ظل تلك الأوضاع المؤسفة وجدت الرجل والمرأة وقد بث كلٌ منهما نيران شوقه للآخر، فعقدت النية على إفساد الأمر على الرجل، ودخلت كالأسد الجسور بين الرجل والمرأة ليفترقا عن بعضهما البعض، فنظر إلىّ الرجل بضيق وحنق والشرر يتطاير من عينيه، أما هى فلم تتوانَ عن الصراخ والعويل، تتهمنى بأننى قد فعلت بها كذا وكذا، ويُصدق الرجل على كلامها، فيترك جمهور المخبز الشجار فى ما بينهم ويتحولون ناحيتى بالسباب والضرب واللعنات واللكمات والركلات، الدماء تسيل من وجهى ومن أنفى، ومن خلف خطوط الدم النازف استطعت أن أتبين عن بُعد وجه الرجل والمرأة وهما غارقان فى النشوة.
أشرف غازى
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com