إقالة أم استقالة.. القصة الكاملة للإطاحة بمستشار الأمن القومي الأمريكي
جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق
جدل واسع شهده الوسط السياسي العالمي وخصوصا الأمريكي بعد إطاحة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بمستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جون بولتون، أمس الثلاثاء، من منصبه، حيث قال ترامب، على تويتر: "أبلغت جون بولتون الليلة الماضية بأنه لم تعد ثمة حاجة لخدماته في البيت الأبيض، اختلفت بشدة مع الكثير من اقتراحاته مثلي مثل آخرين في الإدارة" الرواية التي اختلفت بالنسبة لبولتون الذي قال إنه تقدم باستقالته لترامب.
قرار الإطاحة بمستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، لم يكن وليد اللحظة لكنه جاء بعد العديد من المواقف التي أثبت أنه والرئيس الأمريكي على خلاف في بعض القضايا مثل كوريا الشمالية وأفغانستان وإيران.
وقال الدكتور سيد مجاهد الخبير في الشأن الأمريكي، إن ترامب دائما ما يعمل مع مسؤولين تتوافق توجهاتهم مع أفكاره وتوجهاته، موضحا أن هناك العديد من القضايا الجوهرية التي اختلف فيها الطرفان مؤخرا مع خلافاته مثل "أفغانستان والملف النووي الإيراني وكوريا الشمالية".
وتابع مجاهد لـ"الوطن"، أن ترامب يحاول تعديل سياساته في القضايا الخلافية مثل "إيران وكوريا الشمالية"، مشيرا إلى التباين في الواضح السياسات منذ بداية توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية حيث أنه في بداية الأمر كانت سياساته "عنيفة" وتعاملاته "حادة" أما الآن فقد أصبحت أكثر مرونة، وبالتالي لم تتوافق مواقفه مع بولتن.
إقالة أم استقالة
بعد تغريدة "ترامب" جاءت رواية مغايرة على لسان "بولتون" الذي استعان أيضا بتويتر حيث قال: "قدمت استقالتي الليلة الماضية، وقال الرئيس ترامب فلنتحدث في الأمر غدا".
وكان "ترامب" يمزح أحيانا عن صورة بولتون كمروج للحرب، بل تردد أنه قال، في أحد اجتماعات المكتب البيضاوي: "جون لم ير قط حربا إلا وأحبها".
وقال مصدر مطلع على وجهة نظر ترامب لـ "رويترز"، إن بولتون أثار استياء الكثيرين في البيت الأبيض، ولا سيما كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني، مضيفا "لا يلعب وفقا للقواعد.. إنه لاعب مارق".
فيما قال الدكتور شريف أبو الفضل الباحث في الشؤون الخارجية، إن بالنسبة للإطاحة وتباين تصريحات الطرفين، فهي واضحة ومن الممكن أن نقول إن بولتن أجبر على الاستقالة بسبب الخلاف الذي بدا واضحا في العديد من الملفات الخارجية، حيث بدت مواقف بولتون المتشددة واضحة في وقت التزم ترامب بالمؤسسية الأمريكية والتي تسمح لواشنطن بممارسة المزيد من الضغوط على الدول دون تعريض المصالح الأمريكية للخطر.
وأشار أبو الفضل لـ"الوطن"، إلى أن توقيت الاستقالة هام جدا خصوصا مع تطورات القضية النووية، وجهود الوساطة الفرنسية بين واشطن وطهران وهو الأمر الذي كان بولتون يرفضه بشدة في ظل مواقفة مبدأية من البيت الأبيض بشأن هذه الوساطة.
ونقلت "رويترز" عن مصدر مطلع أن هذا الإعلان جاء بعد محادثة شابها التوتر، الإثنين، وتناولت اختلاف موقف الرجلين بشأن أفغانستان.
وذكر مصدر مطلع أن من العوامل التي أدت إلى رحيل بولتون هو التصور بأنه طرح فكرة أن نائب الرئيس مايك بنس انضم إليه في معارضة اجتماع طالبان، في حين أنه لم يفعل ذلك في الواقع.
وقال المصدر إن النتيجة كانت أن بولتون بدا وكأنه يبعث برسالة إلى ترامب مفادها أن حتى نائبه لم يوافق على فكرة كامب ديفيد.
مواقف سبقت الإطاحة
وكان ترامب يوبخ بولتون أحيانا بسبب أساليبه المتشددة في الاجتماعات، وكان يقدمه للزعماء الأجانب بالقول: "تعرفون جميعا جون بولتون العظيم. سوف يقصفكم، ويستولي على بلدانكم بالكامل"، بحسب "سكاي نيوز عربية".
وذكر مسؤولون ومصدر مقرب من ترامب أن الرئيس سئم من ميول بولتون المتشددة، والمعارك البيروقراطية التي يخوضها، كما أن محللي الشؤون السياسية ينظرون إليه على أنه اختيار غريب من إدارة تتعامل بحذر مع تعقيدات الشأن الخارجي.
مواقفه من أفغانستان
ونقلت "رويترز" عن مصدر مطلع أن هذا الإعلان جاء بعد محادثة شابها التوتر، الإثنين، وتناولت اختلاف موقف الرجلين بشأن أفغانستان.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها أن بولتون منع من حضور نقاشات حساسة بشأن أفغانستان، وجاء ذلك عقب غيابه عن لقاء ترامب الأخير مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، كما دعا لاتباع نهج أكثر صرامة بشأن روسيا بحسب "سكاي نيوز".
وعارض بولتون، السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة وأحد معلقي تلفزيون فوكس نيوز، خطة وزارة الخارجية للتوقيع على اتفاق سلام أفغاني مع مقاتلي طالبان، معبرا عن اعتقاده بأن قادة الجماعة لا يمكن الوثوق بهم.
وكان من بين نقاط الخلاف عزم ترامب، الذي تراجع عنه في اللحظة الأخيرة، إحضار زعماء طالبان إلى المنتجع الرئاسي في كامب ديفيد، في مطلع الأسبوع الماضي، لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق، قبل أيام من الذكرى الثامنة عشر لهجمات 11 سبتمبر 2001.
وأفادت مصادر مطلعة بأن بولتون كان يعتقد أن الولايات المتحدة يمكن أن تخفض عدد جنودها إلى 8600 في أفغانستان، مع مواصلة جهود مكافحة الإرهاب، دون توقيع اتفاق سلام مع طالبان.
كوريا الشمالية
وقال مسؤولون أمريكيون إن بولتون هو المسؤول عن انهيار قمة، في فبراير، بين ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، في هانوي، بعد أن أوصى بقائمة مطالب متشددة رفضها كيم.
وضغط بولتون، على الرئيس كي لا يتخلى عن الضغوط على كوريا الشمالية، رغم الجهود الدبلوماسية، حسب "سكاي نيوز"، كما دعم بولتون توجيه ضربات عسكرية استباقية ضد كوريا الشمالية قبل أن يصبح مستشارا للأمن القومي.
وأثار بولتون غضب الكوريين الشماليين، حين أشار إلى النموذج الليبي لنزع السلاح النووي من كوريا الشمالية.
خلافات مع ترامب بشأن إيران
وعارض بولتون، اقتراحات ترامب بعقد اجتماع مع القيادة الإيرانية، وقال إنَّ الولايات المتحدة ستبقى حتى القضاء على الوكلاء الإيرانيين، ثُمَّ أعلن ترامب بعد بضعة أشهر انسحابا مُخطَّطا، في حين لم يُنفِّذ تعهُّد بولتون بصورة كاملة.
وقاد بولتون سياسة ترامب ضد إيران، بما في ذلك انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي الذي أبرم عام 2015، ومعاودة فرض العقوبات.
ويعتقد على نطاق واسع أن بولتون كان يؤيد ضربة جوية أمريكية مزمعة على إيران، هذا العام، ردا على إسقاط طائرة مسيرة أميركية، وهو تحرك ألغاه ترامب في اللحظة الأخيرة.
وعبر الرئيس الأمريكي منذ ذلك الحين على استعداده للحديث مع الإيرانيين إذا كانت الظروف مواتية، وهو ما عارضه بولتون.
خلافات مع بومبيو
وكان بولتون على خلاف دائم مع وزير الخارجية، مايك بومبيو، المعروف بولائه لترامب، حسب "سكاي نيوز".
وأقر بومبيو بأنه كانت هناك خلافات كثيرة بينه وبولتون، لكنه قال للصحفيين: "لا أعتقد أن أي زعيم في أي جزء من العالم يجب أن يفترض أن سياسة ترامب الخارجية ستتغير بشكل ملموس لمجرد أن أحدنا غادر منصبه".
من هو بولتون
تولى "بولتون" هذا المنصب في أبريل 2018 خلفا لإتش.آر مكماستر، أحد صقور الإدارة الأمريكية، وهو من مواليد 1948 في بالتيمور بولاية ميريلاند الأمريكية، ودرس القانون في جامعة ييل وتخرج عام 1970، وشغل العديد من المناصب في هيئة المساعدات الأمريكية في أثناء إدارة رونالد ريجان، وعمل مساعدا للنائب العام في الفترة من 1985 حتى 1989، كما عمل في إدارة جورج بوش الأب من 1989 إلى 1993 مساعدا لوزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية.
ومع وصول بيل كلينتون للحكم، انضم بولتون للمنظمات اليمينية المحافظة مثل معهد المؤسسة الأمريكي الذي تولى منصب نائبه في الفترة من 1997 حتى 2001، وكان عضوا بارزا في مشروع القرن الأمريكي الجديد، حسب وكالات.
تعود تسميته بـ"الصقر" للمجموعة التي انضم إليها وكانت تضم دونالد رامسفيلد وديك تشيني وكوندوليزا رايس وغيرهم، وكان يطلق عليهم "الصقور" داخل إدارة بوش الابن، واستغلوا أحداث 11 سبتمبر 2001 لتنفيذ "مشروع القرن الأمريكي الجديد" الذي أسسوه معا.
وخلال فترة عمله في وزارة الخارجية تحت إدارة الرئيس الجمهوري الأسبق جورج دبليو بوش، كان بولتون يحتفظ بقنبلة منزوعة الفتيل في مكتبه، وهي مذكراته التي نشرت عام 2007 بعنوان "الاستسلام ليس خيارا"، حسب سكاي نيوز.
الاسم المرشح بعد بولتون
وطرح اسم ستيفن بيجن، المبعوث الأمريكي الخاص لكوريا الشمالية، من بين الأسماء المحتملة لخلافة بولتون.
وقال مصدر مقرب من البيت الأبيض: "بيجن يشبه بومبيو كثيرا في أنه يدرك أن الرئيس هو الرئيس وأنه صاحب القرار"، بحسب سكاي نيوز.
وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، ستيفاني جريشام، دون الخوض في تفاصيل، أن الكثير من القضايا دفعت ترامب لطلب استقالة بولتون.