"بدل الصحفيين"..علاج مؤقت للائحة الأجور وواقع محصن قضائيا يحتاج لتشريع
نقابة الصحفيين
بعيدا عن استخدامه كورقة انتخابية يبارز بها المرشح على منصب النقيب للفوز بالمقعد، فإن "بدل التدريب والتكنولوجيا" الذي يصرف شهريا للصحفيين أعضاء النقابة يعد علاجا مؤقتا لمطلب جوهري طالب به أبناء المهنة قبل 40 عاما لوضع لائحة عادلة لأجور الصحفيين.
وعلى الرغم من التساؤلات التي تطل برأسها من حين لآخر حول سبب صرف هذا البدل لفئة من فئات المجتمع دون غيرها، إلا أنه يتمتع بتحصين قضائي عبر حكمين من محكمة القضاء الإداري في الإسكندرية والقاهرة، أكدا أحقية الصحفيين في صرفه نظرا لدخولهم المتدنية ولتطوير مهاراتهم بما يواكب العصر نظرا للدور الذي تقوم به الصحافة تجاه المجتمع ككل، لكن ينقصه إقرار تشريعي يثبت أركانه ولا يجعله عرضة للتلاعب به.
"هذا البدل دائما كان يوضع في مواجهة أجور الصحفيين فتحول من ارتباطه بالانتخابات إلى بديل للائحة أجور الصحفيين لأن آخر لائحة أجور كانت عام 1976 وبعد ذلك أصبح هناك حد أدنى للأجور بلغت قيمته 105 جنيهات حتى بداية التسعينيات، ومنذ أن دخل البدل في الصراع الانتخابي للنقابة أغلق ملف لائحة الأجور" هكذا تحدث يحيى قلاش، نقيب الصحفيين السابق.
وقال يحيى قلاش، في تصريح لـ"الوطن"، إن نضال الصحفيين كان يتجه نحو تحسين أجورهم وفي كل الجمعيات العمومية كانت تناقش لائحة الأجور، لافتا إلى أن آخر محاولات إقرار لائحة الأجور كانت عام 2015، حيث تم تشكيل لجنة من قبل رئيس الوزراء لمناقشة الأوضاع الاقتصادية للصحفيين يمثل فيها المجلس الأعلى للصحافة من خلال الكاتب الصحفي الراحل صلاح عيسى، ووزارة المالية والنقابة والتي مثلها النقيب والوكيلان ومحمد شبانة أمين الصندوق.
وتابع قلاش: "خرجنا بتوصيات أرسلناها لرئيس الوزراء تتعلق بوجود آلية لزيادة بدل التدريب بتطريقة ليست مرتبطة بعشوائية الانتخابات، بالإضافة إلى حل جذري لموضوع الأجور وعندما أردنا أن نتحدث في موضوع البدل رئيس الوزراء قال إنه في الموازنة المالية سنتفاوض مع النقابة على قيمة زيادة البدل وكانت الانتخابات على الأبواب في شهر مارس، وبالفعل تمت زيادة بدل الصحفيين بقيمة 300 جنيه وأغلق ملف الأجور".
وأكد نقيب الصحفيين السابق أنه بالرغم من أن البدل الحالي محصن لأسباب كثيرة منها صدور أحكام قضائية لكن مستقبله محفوف بالمخاطر إذ يحتاج لتشريع ينص على صرفه تطبيقا لحيثيات الأحكام الصادرة بشأنه، ودرءا لشائعات تخرج من حين لآخر بأن الدولة لن تستمر في صرف هذا البدل، خاصة مع إطلاق حرية الإصدار، فضلا عن مطالبة جهات أخرى بصرفه أسوة بالصحفيين مثل نقابة الإعلاميين والأطباء والتجاريين.
وأرست محكمة القضاء الإداري مبدأ قانونيا مهما يقضى بأحقية جميع الصحفيين المقيدين بجدول المشتغلين بنقابة الصحفيين، بصرف بدل التكنولوجيا والمراجع، سواء عملوا في مؤسسات صحفية أو خارج هذه المؤسسات ولا يستثنى أحد وبأثر رجعي، في حكم أصدره المستشار طه سعيد.
وكانت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية منذ 25 يونيو 2013 قد أصدرت برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة حكمها التاريخي في القضية رقم 2562 لسنة 67 ق قالت فيه إن بدل التدريب والتكنولوجيا حق لصيق للصحفيين، وليس منحة من الدولة، وإنه اكتسب منزلة في ضمير الدولة أكثر من عشرين عاما وأصبح عرفا إداريا من القواعد الراسخة في القانون الإداري لا يجوز مخالفته، وإن الحكمة من تقرير ذلك البدل هي التسلح التكنولوجي لتنمية مهارات العمل الصحفي وتذوق الفن المهني للوفاء بحق الشعب في المعرفة، مشيرة إلى أن قيمة البدل ضئيلة ولا تتناسب مع كرامة الصحفيين، ولا يجب وقوفهم موقف المستجدي من السلطة التنفيذية، وعلي الدولة إعادة تقديره عند تقنينه ليعبر عن حقيقة العصر.
وتابعت المحكمة في حيثيات حكمها، أن البدل حينها "لا يكفي لتغطية نفقات المهنة ومن ثم يغدو هذا المبلغ في ضوء مواجهة مستحدثات التكنولوجيا من قبيل اللغو بالنظر إلى عدم مناسبته مع ما يتكبده الصحفي من نفقات ومصروفات في سبيل تزوده بأحدث وسائل التكنولوجيا في علم الصحافة مع هذا المبلغ الضئيل ولا يتناسب بذلك مع كرامة الصحفي المهنية، ما يستنهض عدل المحكمة في مناشدة المشرع في إعادة تقدير قيمة البدل المشار إليه عند تقنينه، حتى يكون ذلك معبرًا عن حقيقة العصر وما يلازمه من تكاليف مستحدثات وسائل التكنولوجيا، التي أضحت حقيقة متطلبة في جميع مراحل أدوات العمل الصحفي، لا سيما أن الصحفيين يتعرضون أثناء ممارستهم المهنة لمخاطر جسيمة قد تودى بحياتهم نتيجة البحث عن الحقيقة".