المبتكر الصغير «إبرام».. طالب إعدادى اخترع آلة لتقطيع الأحجار بالطاقة الشمسية
«إبرام» مع الماكينة التى أدخلته عالم المبتكرين
قبل خمسة أعوام، كان جرجس نعيم يصطحب نجله «إبرام» إلى محجر الجرانيت بمدينة أسوان، حيث يعمل على تكسير الأحجار وإخراجها فى هيئة مكعبات كبيرة تصل الواحدة منها لنحو 50 طناً، المكان خطر بالنسبة لأطفال بعمر «ابرام» فوقتها لم يكن يتجاوز الثامنة من عمره، لكن والده كان حريصاً على حياته فيلازمه دائماً ويضعه فى الأماكن الآمنة ليرى من بعيد كتلة حجرية ضخمة يتم تقطيعها وأكوام أكبر من الحجارة الأصغر حجماً تتناثر فى كل مكان، وهذه الأحجار هى السر فى التساؤلات التى طرحها الصغير على والده وانتهت بتصميمه ماكينة يدخل بها عالم المخترعين.
البداية كانت بسؤال: «ليه يا بابا مش بتاخدوا الحجر الصغير الكتير ده وتبيعوه، سايبينه ليه؟»، فيرد عليه والده بأنه لا قيمة له لأن المصانع تحتاج إلى مكعبات ضخمة تستخرج منها ألواح كبيرة وتطوعها كما تريد، ونقل هذه الأحجار الصغيرة يعود بالخسارة وليس بالمكسب. بقيت هذه المشكلة طوال 5 سنوات محل اهتمام الطفل الصغير الذى داوم على بحث كيفية استغلالها وإنهاء مشكلة تلال كبيرة من الأحجار تعيق العمال فى المحاجر، كما يؤكد «إبرام»: «فكرت من البداية ليه ما يبقاش فيه مكنة صغيرة متنقلة تدخل المحجر وتقطع الأحجار الصغيرة ونتخلص منها، وفضلنا كده لحد دلوقتى قعدت 5 سنين كل فترة أشوف الحل إيه والمكنة دى تشتغل إزاى والعوائق اللى قدامها نحلها إزاى لحد أما ابتكرت تصميم ماكينة تقطيع أحجار متنقلة تعمل بالطاقة الشمسية».
الطفل: تستخدم للتحرك فى المدقات الجبلية.. و«الرقابة الإدارية» وعدتنى بتذليل العقبات.. ووالده: ستوفر الجرانيت بدل السيراميك والبورسلين
ويضيف «إبرام»، فى الصف الثانى الإعدادى بمدرسة أسوان الجديدة، أن معالجة الفكرة استمرت طوال 5 سنوات حتى دخل مسابقة الـ«isef»، والجهاز فكرته الأساسية أنه سيكون فى وسط مجموعة جبال وتعرجات ولذلك فلا بد أن يكون سهل الحركة ويتأقلم مع الظروف الموجودة بالمحجر من عدم وجود كهرباء ولا بد أيضاً من استخدام الطاقة الشمسية بتثبيت ألواح تمده بالطاقة اللازمة، وكذلك أدوات غرز فى الأرض حتى لا يهتز وهو يقطع الأحجار، معلقاً: «جسم المنشار يكون ارتفاعه عن الأرض متراً واحداً، ووزنه هيكتسبه من خلال صب مياه فى جسمه المفرغ بحيث تستخدم المياه فى تثبيته فى الأرض وفى نفس الوقت تبريد المنشار الذى يحتاج مياه بشكل مستمر، والجهاز هيكون فيه خناديق بتغرز فى الأرض بتلف وتتبرم وتتثبت وتمسك الجهاز».
وعن حجم جهاز تقطيع الجرانيت والفائدة التى ستعود منه، قال المخترع الصغير إن الجهاز سيكون بحجم واحد فقط لم يتم تحديده بعد، وإن المنشار الذى يقطع سيتحرك بحرية لتقطيع الجرانيت، وسيقوم الجهاز بتقطيع قطع الجرانيت الصغيرة المهدرة ومكونة تلالاً من الأحجار إلى قطع من الجرانيت كبديل لـ«البلاط» يستخدم فى المبانى بدلاً من «السيراميك» وكذلك الواجهات الصغيرة، مشيراً إلى أنه شارك فى مؤتمر إطلاق طاقات الشباب خلال الشهور الماضية وفيه رأى الرئيس عبدالفتاح السيسى ومر عليه خالد عبدالغفار، وزير البحث العلمى، وتحدث معه مدة طويلة حول الابتكار وأبدى إعجابه به، وبعدها مر عليه مباشرة مجموعة من رجال الرقابة الإدارية وطرحوا مجموعة من الأسئلة حول الابتكار، وأخبروه أنهم تلقوا أوامر بتذليل كافة العقبات التى تقف أمام المشروع. مضيفاً أنه شارك فى مسابقات عدة باختراعه مثل إبر إيجيبت وغيرها، والتقى بشخصيات من مكتب تايكو للتكنولوجيا بأسوان وساعدوه على تسجيل براءة الاختراع فى مصر.
خمس سنوات استغرقها للوصول إلى اختراعه ويحلم بتحويله لمشروع تقطيع بلوكات كاملة
وحول كمية الطاقة التى يحتاجها الجهاز للعمل فى المحجر وما توفره ألواح الطاقة الشمسية وهل ستتأثر بالغبار الناتج من المحاجر، ذكر «إبرام» أنه لم يعرف حتى الآن كم الطاقة الشمسية التى سيحتاجها الجهاز لكى يقطع الجرانيت، خاصة أن الجهاز يحتاج إلى عزم شديد لتقطيع الأحجار، وأنه فكر فى نصب الألواح الشمسية عكس اتجاه الرياح التى تنقل الغبار نتيجة التكسير والتقطيع، مشيراً إلى أن تكلفة الجهاز تبلغ نحو مليون جنيه لكن بإمكانه أن يدر ربحاً كبيراً يقدر بالمليون جنيه فى 100 يوم فقط، معلقاً: «المنشار بيشتغل فى اليوم 150 متر، نقول هيكون 100 متر بس، أقل سعر للجرانيت 200 جنيه للمتر يعنى 20 ألف فى اليوم قول هنطلع 10 آلاف رواتب وأجور وصيانة هيبقى 10 آلاف فى اليوم ربح صافى، يعنى فى 100 يوم بس أجمع المليون».
ويضيف «جرجس»، والد المخترع الصغير، أن نجله تمكن من تصميم منشار يقوم بتقطيع الرخام بسماكة أقل من السمك المعتاد بحيث قلله من 2 سنتيمتر إلى سنتيمتر واحد، وهو ما يقلل وزن البلاط بحيث لا يزيد الأحمال على المبانى، وأن الجرانيت سيتفوق على السيراميك بدرجة كبيرة من حيث قوة تحمله وكذلك سعره، موضحاً: «البورسلين بيعدى 200 جنيه للمتر والمعروف إن أقل سعر للجرانيت فى السوق 250 جنيه بس إحنا هننزله إلى 80 جنيه وهيكون أفضل من البورسلين طبعاً من حيث الجودة والسعر، لأن السيراميك والبورسلين مكون من مواد مطبوخة طفلة وفلسبار على مايكا، إنما انت بتتكلم على حاجة جاهزة»، موضحاً أنه خلال الشهور المقبلة سيخرج الجهاز للنور وأنه يجرى الآن محاولات لتسجيل براءة الاختراع دولياً ثم العمل به فى محجره، وأن الاختراع سيتحول إلى مشروع أكبر لتقطيع البلوكات الكاملة وليس مخلفات المحاجر وسيوفر على الدولة أعمال رصف الطرق التى تتهالك بسبب نقل الأحجار من أسوان إلى القاهرة والحوادث التى تتسبب فيها.
المبتكر الصغير «إبرام» مع محرر «الوطن»
الاختراع سيوفر فى استخدام الآلات والمعدات الثقيلة