كان الممثل الهندي الشهير في بداية حياته أيام دراسته الجامعية، حيث المشاعر البكر والقلوب الغضة النظيفة، والحب العارم والحماس الكبير، لكنه كان خجولا، رومانسيا، حالما، بل إنه لم يحادث فتاة في حياته، فدراسته بمعهد ديني مسلم للبنين، جعلته أكثر محافظة، والتزاما بل وانطوائية.
في يوم من الأيام، وفي سهرة مع أصدقائه، رأى جوري، شابة جميلة، وجدها رائعة ولا بديل لوجودها في حياته، رغب بشدة في مراقصتها، تمناها، لكن خجله كبله، فلم يجد بدا من أن يتوسط له أحد أصدقائه في سؤالها: هل تراقصه على مسرح السهرة!؟ وبالفعل قبلت جوري، وتعارفا، وأحبا بعضهما بعنف، حصلت على شغاف قلبه بجبروت عتيد، زارعة بوجدانه ورود الزنبق والجوري، تلك الجوري..
لكن، جوري هندوسية وشاروخان مسلم.. هكذا كان المشهد التراجيدي الأول في حياته، وقامت الدنيا ولم تقعد، فقد جن والد جوري من الخبر المزعج، بأن ابنته تهوى شابا من ديانه أخرى، فمنعها الأب من رؤية حبيبها ثانية، وأخبرها أنه عزم على الانتقال لمدينة أخرى، مدينه ليست بها أنفاس شاروخان وسحر عينيه.
قبل السفر إلى بومباي بليلة، ذهبت جوري للاحتفال بعيد ميلادها في منزل شاروخان، والذي أضاءه لها وزينه بأروع زينة، واحتفلا معا حبا وعشقا وإبحارا في جمال حب لا ينتهي، ولم ينتبها لقسوة الأمواج و غدر الأعاصير، وانتهى الاحتفال، واستيقظت جوري على كابوسها الذي لا يعرفه شاروخان، و فجأة بكت ونفضت حبها وحلمها كحبات لؤلؤ منثور من عقد فرط للتو، ونثرت معه دموعا غزيرة، لم يفهم شاروخان لماذا فعلت هذا، لماذا ركضت بعيدة عنه، لماذا بكاؤها؟ ومرت ليلة وليلتان وليالٍ كثيرة، لم تظهر فيهما جوري.
وبعد أيام كثيرة، علم شاروخان أن أباها كان قد منعها من رؤيته ثانية، وأنها أخفت عنه هذا الخبر المؤلم، وفهم أخيرا سبب بكائها غير المبرر وقتها، وركضها باكية تلك الليلة، وقضى البطل الشاب أياما طويلة يألم ويبكي وأحيلت حياته الشابة وأيامه الأجمل إلى ليل قاتم وبكاء وحرمان كبير.
رأت والدته حاله وتعذبت لعذابه، وكباقي الأمهات الشرقيات، قالت له: "اذهب و ابحث عنها، وهاك أموالا كي تتزوجها، عد بها عروسا لك ولا تضيع حبك يا بني"، وعلى الفور غادر حجرته المظلمة إلى بومباي يبحث عن حبيبته، وكان في العام 1991، ولم يكن عصر الهواتف النقالة أو الفيس بوك وتويتر قد بدأ، ففي تلك الأيام كان من يضيع حبيبه في زحام المدن كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، بل كمن يبحث عن قلبه وسط الأهوال.
ووصل شاروخان، الشاب حديث السن، إلى بومباي، ولكن من أين يبدأ؟! وبدأ ينادي على قلبه المعلق بقلب حبيبته، وكان كالأعمى، يمشي تابعا إحساسه مستخدما حواسا أخرى غير النظر، بل إن عينيه كانتا مفتوحتين على آخرهما بحثا عن حبيبته.
كان العاشق يعلم حب حبيبته للشواطئ والبحر، لهذا بدأ يمشط شواطئ وسواحل بومباي، وفي ذات يوم وجدها، وجد محارة حياته ولؤلؤة عشقه، وهنا لا تسل عما حدث، فقد احتضنها، وأقسم على عدم إفلاتها هذه المرة.
ذهب لأبيها والإصرار يملؤ روحه، ومهرها في يده (مع أن المهور في الهند تقع على عاتق العروس)، كان مستعدا لكل الشروط حتى شرط أبيها بأن يتزوجا على الطريقة الهندوسية، ووافق شاروخان، وأخذ عروسه.
تزوجا وعاشا معا، وكبرا معا، واشتهر شاروخان ليصبح من ألمع وأغنى وأكبر نجوم بوليوود، وكبرت معه جوري، وأنجبت له ولدا وبنتا، وتفرغت لبيتها وأسرتها، ثم عملت في تصميم الأزياء، فهي دارسة لهندسة التصميم الداخلي.
رغم الشهرة، والنقود، والمعجبات، والشائعات، لم يتغير العاشق، بل يظل عاشقا هائما ممسكا بيدي حبيبته وقلبها لا يفلتها ولا تفلته، وتظل جوري جميله متألقة معشوقة عاشقة.