رحلة "هيكل" و"فبراير": أوله دخل الصحافة.. وفيه أخرجه السادات.. وأوسطه رحل عن الدنيا
هيكل
"الرحلة انتهت.. لا تعاندوا القدر"، وكأنه درس جديد أراد "الأستاذ" أن يعلمه لكل عشاقه قبل أن يمضي، فيرد القدر على تلك الحالة من الرضا برسالة يأبى من خلالها أن يكون رحيل "هيكل" في غير شهر حمل له أهم لحظات العمر سرائها وضرائها، فشهر فبراير هو الذي شهد أول نظرة بينه وبين معشوقته، وفيه فارقها مضطرا، وخلاله عاد إليها مشرقا، قبل كلمة نهاية كسرت ظهور عشاقه.. حيث كان رحيل "هيكل" في وسط شهر فبراير.
الكاتب الصحفي الأردني خالد عبد الهادي كشف، خلال حواره أمس مع الإعلامية لميس الحديدي، عن علاقة الأستاذ "هيكل" الممتدة مع ثاني شهور السنة، حيث كان 1 فبراير عام 1942، هو يوم دخوله إلى عالم الصحافة مراسلا حربيا بمجلة "الإيجيبشن جازيت"، فتكون كلمات القدر معه ملازمة له منذ اللحظة الأولى، فها هي الأوضاع تشتعل إبان الحرب العالمية الثانية، ليقع الاختيار عليه لتغطية أحداث الحرب في العلمين، فما هي سوى أيام قليلة حتى يبزغ اسم "محمد حسنين هيكل" ضمن أهم من حرروا موضوعات صحفية متصلة بتلك الحرب.
من المراسل إلى المحاور إلى رئيس التحرير إلى مستشار سياسي لأكبر رأس في بلده.. تلك عناوين لخصت 32 عاما من مسيرة "الأستاذ" داخل بلاط صاحبة الجلالة، إلى أن حل فبراير من عام 1974، ليصدر الرئيس الراحل أنور السادات قرارا بنقل الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل من رئاسة تحرير الأهرام إلى منصب مستشار للرئيس، يبعث "القدر" رسالة عسرة على "الصحفي" الذي أعلا من قيمة مهنته، ولم يرتض بغير ذلك اللقب بديلا.
محلل تهرول مؤسسات النشر العالمية إلى ترجمة كتبه.. ذلك كان منعطفا آخر مارس فيه "هيكل" الصحافة على طريقته الخاصة، يبحث.. يوثق.. يحلل.. قبل أن يواعد القدر عشاقه هذه المرة، بهدية عنوانها مقالين عن صنع القرار السياسي يحملان اسم "الأستاذ"، تم نشرهما في شهر فبراير عام 1986.. عاد الصحفي محمد حسنين هيكل.
"النهاية في فبراير".. لحظة لم يتمنَ الكثيرون حدوثها، مقدماتها كانت "دور برد" شديد أصيب به "الأستاذ" تدهورت بعده حالته الصحية، ليستقرئ بتأنيه المعهود أنه المشهد الأخير، يمسك بقلمه ويكتب وصاياه في 9 صفحات، يوصل سلامه عبر ذويه إلى الأغلى مكانة في قلبه، يختار مسجد "الحسين" مكانا أخيرا يجمعه بمعشوقيه دون صخب، تسلم روحه إلى بارئها فجر الأربعاء 17 فبراير 2016، بعد يوم واحد من الذكرى الخامسة لرحيل شقيقته.