«الذهب الأسود» بـ«ملاليم»: برميل «الكوكاكولا» أغلى من «النفط»
«الذهب الأسود» بـ«ملاليم»: برميل «الكوكاكولا» أغلى من «النفط»
«داعش».. أداة غربية وأمريكية للسيطرة على النفط العربى
النفط، أهم موارد وثروات العرب، أحد ضحايا «الربيع العربى» حيث أدت تداعياته لانخفاض أسعار برميل النفط العالمى من 110 دولارات فى عام 2014 إلى أقل من 30 دولاراً مؤخراً.
تشير توقعات أكبر البنوك الاستثمارية المتخصصة فى رصد أسعار «الذهب الأسود» إلى احتمالية وصول سعره لـ10 دولاراً فقط للبرميل، أى ما يعادل سعر وجبة لفرد واحد فى مطاعم الوجبات السريعة.
خبراء اقتصاديون يرون أن انهيار سعر برميل النفط العالمى تم بفعل فاعل للاستيلاء على أهم موارد المنطقة «بملاليم»، وبحسب ما قال الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى ومستشار صندوق النقد الدولى السابق: ثورات الربيع العربى مخطط دولى لتدمير المنطقة العربية، حيث أضرت تلك الثورات باقتصاديات الدول العربية، وتسببت فى زيادة نسب العجز وارتفاع الديون الخارجية للدول العربية، وهو ما نجح فيه المخطط.
«الفقى» يرى أيضاً أن بداية انهيار أسعار النفط العالمية هى قفز الذهب على سعر برميل النفط 30 ضعفاً خلال السنوات الخمس الماضية، بعد ثورات الربيع العربى مضيفاً أن اقتصاديات دول الغرب ستعانى ما تعانيه الدول العربية خلال السنوات المقبلة نظراً لمصالحها الاقتصادية فى المنطقة.
«الفقى»: المخطط تنفذه «أنقرة» و«الإخوان» وتموله قطر.. ووزير البترول الأسبق: وضعه الغرب منذ 10 سنوات للسيطرة على العرب دون حاجة لتدخل عسكرى
المخطط ينفذ من خلال العاصمة التركية «أنقرة»، وتنظيم الإخوان فى مصر، كذلك يؤكد «الفقى» أن: تنفيذ مخطط دول الغرب بنشر «الإسلام السياسى» فى شكل «إرهاب»، وتمويل هذا المخطط من دولة «قطر» وإعلان إقامة خلافة إسلامية بالمنطقة العربية، هو ما سمح بظهور تنظيم «داعش» الإرهابى، وهو صناعة أمريكية لتنظيم تحت مظلة الإسلام، لكن الجيش المصرى تصدى لذلك المخطط الذى كان مقرراً تنفيذه فى «سيناء»، وأنقذت ثورة 30 يونيو مصر من ذلك مؤقتاً لحين توحيد العرب.
مستشار صندوق النقد الدولى السابق يشير إلى أن مخطط دول الغرب لإحكام السيطرة على المنطقة العربية وتقسيم ثرواتها، ناتج من أن النفط «طفرة كبرى للدول العربية قد تجعلها الأقوى اقتصادياً على المستوى العالمى»: ظهور «داعش» بالمنطقة العربية مؤخراً ما هو إلا وسيلة لضرب سوق النفط العالمى، خصوصاً أن التنظيم يبيع النفط فى السوق السوداء بأقل من الأسعار العالمية بنسبة 30% عبر الموانئ التركية، وبمعرفة قطرية، وذلك فى النهاية للسماح مستقبلاً لدول الغرب بالتدخل عسكرياً فى الدول العربية لحل النزاعات السياسية بحجة مصالحهم الاقتصادية بالمنطقة العربية.
«ثورات الربيع العربى أضرت بمصر كثيراً من جميع الجوانب الاقتصادية»، كذلك يدلل الدكتور فخرى الفقى على رؤيته: معدلات النمو فى مصر تراجعت من 4.5% قبل «الربيع العربى» إلى 2% بعد ثورة 25 يناير، وهى نسبة لا تكفى معدل نمو السكان فى مصر، خصوصاً فى ظل ارتفاع مستوى المعيشة مقارنة بما كان عليه فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، كما أن معدلات البطالة ارتفعت منذ 2011 إلى 12% بعد أن كانت 9.5% قبل الثورة، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم لـ11% خلال السنوات الخمس الماضية. عجز الموازنة العامة لمصر كان 7.5% وبلغ بعد ثورات «الربيع العربى» 11% تقريباً، وهو ما ترتب عليه زيادة الدين العام، كما أن «الربيع العربى» تسبب فى عدم استقرار أسعار الدولار وتراجع الاحتياطى النقدى منه بنسبة تخطت 50% عكس ما كان قبل الثورات الذى كان فيه سعر صرف الدولار موحداً وثابتاً لفترات كبيرة.
الدكتورة عاليا المهدى، الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى جامعة القاهرة سابقاً، ترى أن ثورات الربيع العربى ما هى إلا مخطط «أمريكى صهيونى» لتدمير الأمن القومى لجميع الدول العربية المقابلة والمجاورة لمجلس التعاون الخليجى، خصوصاً أن كل حروب أمريكا وإسرائيل تكون خارج حدودهما على مدار تاريخهما.
«توتر الأوضاع السياسية فى المنطقة العربية يصب فى صالح أمريكا والكيان الصهيونى، خصوصاً أن الاقتصاد الأمريكى يعتمد على تجارة السلاح وينتعش من الحروب والفوضى السياسية فى الدول الأخرى»، كذلك توضح «المهدى» أن «خفض إنتاج النفط ليس فى أيدى أعضاء منظمة الأوبك، وسيظل تحت سيطرة أمريكا لضمان الولاء لها ومساندتها فى حربها ضد روسيا وإيران». تضيف الأستاذة الأكاديمية إلى ذلك أن «إعادة رسم حدود المنطقة العربية وتقسيم منابع الطاقة فيها هو هدف رئيسى للغرب حالياً، لتدمير اقتصاديات العرب»، مشيرة إلى أن ثورات الربيع العربى جاءت فى صالح أمريكا وإسرائيل من خلال الفتن المتعددة، وهو ما أحدث انشقاقاً فى مملكة البحرين وظهور جماعات «داعش» الإرهابية، وحرب السُنة والشيعة. تختتم الدكتورة علياء المهدى تصريحاتها بأن «التمويلات الأجنبية التى تحصل عليها بعض الدول العربية تعتبر العنصر الرئيسى لتغيير الأنظمة السياسية لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل فى أى وقت، وعلى الجانب الآخر تدفع بعض الدول العربية تمويلات للولايات المتحدة الأمريكية لحماية أمنها القومى من أى نزاعات سياسية».
«عاليا»: مؤامرة «صهيوأمريكية» لتدمير الأمن القومى للدول العربية وتقسيم منابع الطاقة.. ومصدر حكومى: 15 دولاراً سعر برميل النفط العالمى قريباً
لم يختلف رأى المهندس أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، عن سابقيه كثيراً، حيث يعتقد أن «ثورات الربيع العربى أضرت الدول العربية كثيراً على المستوى السياسى والاقتصادى والأخلاقى»: لا نعلم حتى الآن أين تتجه اقتصاديات دول الخليج ومصر، بعد انهيار أسعار النفط العالمية، وكلما زادت الخلافات السياسية تراجعت الأسعار وتضررت اقتصاديات الدول العربية، وهو المخطط الذى وضعته دول الغرب منذ أكثر من 10 سنوات للسيطرة على النفط العربى دون حاجة للتدخل العسكرى.
الوزير الأسبق يؤكد، على الجانب الآخر، أن استحواذ الدول المنتجة للنفط أعضاء «أوبك» على احتياجات النفط العالمى بنسبة 40%، يجعل السيطرة على أسعار الخام فى أيدى دول الخليج، إذ إنها قادرة على إعادة أسعار النفط لأكثر من 70 دولاراً للبرميل فى يوم وليلة، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة، حيث إن المملكة العربية السعودية متعنتة فى تثبيت إنتاجها من النفط لضرب روسيا وإيران فى مقتل، لحين حل الحرب فى سوريا.
ويرى «كمال» أن الحل لتفادى انهيار اقتصاديات الدول العربية هو تخفيض إنتاج النفط، لأنه لو وصل سعره لأقل من ذلك ستتوقف الشركات العالمية عن استخراجه تماماً لعدم جدواه اقتصادياً، ما قد يدفع العالم للبحث عن مصادر أخرى منها «الغاز الصخرى» الذى تمتلك أمريكا مخزوناً منه يكفيها نحو 30 عاماً.. «أسعار النفط العالمية ستنخفض بكل تأكيد خلال الشهور المقبلة، ولن تعود إلى سابق عهدها إلا بوضع نهاية للحرب المشتعلة فى سوريا»، هكذا يضيف «كمال»: الحرب السورية دفعت السعودية لرفض منطق السوق وخفض إنتاجها اليومى من النفط، وبالتالى انهارت الأسعار العالمية، ما يحمل إيجابيات وسلبيات، ولكن سيؤثر سلباً على تدفق المساعدات والاستثمارات الخليجية لمصر.
80 دولاراً فرق سعر برميل النفط بعد تداعيات الأزمة التى أدت لخفضه من 110 دولارات فى 2014 إلى أقل من 30 دولاراً
عمرو مصطفى، نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول، يتفق مع «كمال» فى أن ثورات الربيع العربى أثرت بالسلب والإيجاب على قطاع البترول، حيث يتمثل الجانب السلبى فى وقف المعونات المجانية من دول الخليج لمصر بعد انهيار أسعار النفط العالمية، التى بلغت حالياً 30 دولاراً للبرميل الواحد بعد أن كانت 110 دولارات قبل ثورات الربيع العربى: نعمل حالياً على استغلال خفض أسعار النفط العالمية لتأمين احتياجاتنا من الوقود خلال السنوات المقبلة، وذلك من خلال توقيع عقود طويلة الأجل مع الموردين، لتوفير الوقود لأى أزمات مستقبلية فى السوق المحلية، إضافة إلى استكمال مشروعات الحفر والتنمية فى مناطق الامتياز البترولية، لزيادة معدلات إنتاج البترول والغاز الطبيعى، كما أن استقرار الوضع السياسى فى مصر حالياً ساهم فى زيادة الاستثمارات الأجنبية فى قطاع البترول.
إبراهيم زهران، الخبير البترولى، يقول إن ثورات الربيع العربى دمّرت اقتصاديات الدول العربية، كما هو حادث الآن فى سوريا، وكانت مصر ستلقى نفس المصير لولا تصدى جيشها للمخطط بكل حزم وقوة، مضيفاً: «وزارة البترول لا بد أن تستغل انهيار أسعار النفط العالمية لتكوين مخزون استراتيجى من الوقود لفترة لا تقل عن 5 سنوات، على غرار ما يحدث فى التعامل مع الغاز الطبيعى».
بدوره، يتوقع مصدر بوزارة البترول أن يؤدى استمرار التوتر السياسى فى منطقة الخليج ودول عربية أخرى مثل «ليبيا وسوريا» فى أعقاب «الربيع العربى»، إلى مزيد من التراجع فى أسعار النفط، واستمرار انهيار أسعار النفط العالمية خلال الفترة المقبلة حتى تصل إلى 15 دولاراً للبرميل فى القريب العاجل، بعد توقعات البنك الدولى بانخفاض أسعار النفط بنسبة 27% أخرى فى 2016 لهبوطها 47% فى 2015 مقارنة بأعلى سعر وصل إليه البرميل فى 2014 وهو 110 دولارات.
المصدر يشير أيضاً إلى أن المنافسة غير الشريفة بين الدول الأعضاء فى منظمة «الأوبك» يعد سبباً رئيسياً فى انهيار أسعار النفط، حيث إن عدداً من الأعضاء يسمح للسعودية بإنتاج 14 مليون برميل يومياً، فى حين أن حصتها القانونية حالياً لا تزيد على 8 ملايين برميل يومياً فقط، وذلك تضامناً معها فى حربها غير المعلنة مع كل من روسيا وإيران، ما يترتب عليه خسائر ضخمة أملاً فى تحقيق مكاسب سياسية بعد الضغط على طهران وموسكو، اللتين تتبنيان سياسات تضر بمصلحة الرياض.
«استفادة مصر من انهيار أسعار النفط اقتصرت على تراجع قيمة دعم الطاقة فى الموازنة العامة».. كذلك يضيف المصدر الذى يفضّل عدم ذكر اسمه، أن الاستفادة الأكبر لن تتحقق إلا فى حال شراء وتخرين أكبر قدر ممكن من النفط بالأسعار المتدنية الحالية، وهو ما لم يحدث لعدم وجود سيولة مالية، مشيراً فى الوقت نفسه إلى تضرر مصر من ناحية أخرى من إحجام الشركات الأجنبية عن ضخ مزيد من الاستثمارات الجديدة لدعم عمليات البحث والاستكشاف التى أسفرت مؤخراً عن اكتشاف حقل ظهر العملاق.