# 25_ مكاسب _ الشارع لنا
# 25_ مكاسب _ الشارع لنا
كريمة - عبدالوهاب
حالة من الإحباط والغضب أحياناً ما تغطى الصورة، لكن لا تطمسها أبداً، فلا تزال مكاسب ثورة 25 يناير قائمة ومتواصلة، أبرزها ذلك الوعى السياسى الذى دبّ فى كثير من البيوت المصرية، وفرض نفسه على الحياة اليومية للمصريين، الذين ينشغلون فى المطالبة بالمزيد، لكن التقدم خطوات إلى الأمام يعنى وجود خطوات قُطعت بالفعل.
«الحفناوى»: الشعب أصبح طرفاً مؤثراً فى المعادلة السياسية.. والمواطن خرج من دائرة التعاطف إلى المشاركة.. و«سليمان»: «الثورة خَضّت المجتمع».. و«الفاروق»: الشارع أصبح فاعلاً ومسيّساً
الدكتور عادل سليمان، نائب رئيس مركز المستقبل للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكد أن «25 يناير» صنعت ما يمكن تسميته بـ«الهزة» فى المجتمع المصرى، ويوضح: «خضت الناس، فبدأوا يبصوا حواليهم ويشوفوا حياتهم من أول وجديد»، صحيح أن الثورة لم تخلق بعد الوعى الكافى لدى المصريين لكنها برأى «سليمان» وضعتهم على بداية الطريقة «آمل أن تؤدى إلى مزيد من الاهتمام بالشأن السياسى»، اهتمام إضافى بالشأن العام، وبالأحداث الجارية لم يكن موجوداً من قبل: «الناس كانت منفصلة وبدأوا يركزوا، ويهتموا، لكن إيه اتجاه اهتماماتهم ما زال يتشكل بعد، خاصة لدى فئة الشباب فهى الفئة الأكثر صحواً بعكس المصريين فى الأعمار المتوسطة الذين كانوا وما زالوا يبحثون عن لقمة العيش ومصاريف العيال والكسوة، هذا هو الهم الرئيسى لدى أرباب الأسر».
د. طارق الفاروق، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عين شمس، اعتبر أن أهم مكاسب ثورة 25 يناير هو أن الشارع المصرى صار فاعلاً ومسيساً، إضافة لتفعيل الرقابة الشعبية التى غابت على مدار عقود، يراها عنصراً فعالاً ومؤثراً، لا سيما حين تخرج من حركات ومنظمات لديها قدرة على التنظيم، خاصة فى مراقبة الاستحقاقات الانتخابية والتأثير فى دائر صنع القرار تجاه بعض الأزمات، «الرقابة تهدف إلى القضاء على كافة أشكال الفساد فى مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية من خلال المراقبة الشعبية، ولتثقيف وتمكين الرأى العام من خلال زيادة الوعى حول معنى الديمقراطية»، مضيفاً أن الضمانة الوحيدة هى الشعب والرقابة الشعبية، فمن الصعب أن يتمكن أى مسئول من خداع المواطنين الذين زادت نسبة وعيهم، «هذا ما حدث مع مرسى، فكل ما فعله هو وأعوانه كانت الرقابة الشعبية لهم بالمرصاد بداية من الفكاهة والتندر ووصولاً لكشف الخيانة وبيع البلد، كانت كل الحركات مرصودة»، مؤكداً أن الرقابة الشعبية هى أقوى قوة مؤثرة حالياً، الكل يهابها، ومن الصعب تخطيها أو التعامل معها باستهانة أو استخفاف.
مكاسب عديدة أشارت إليها الدكتورة كريمة الحفناوى، الناشطة السياسية أمين عام الحزب الاشتراكى المصرى، أهمها الحراك السياسى والاجتماعى والمشاركة الفاعلة: «التركيز على المكاسب بالنسبة لى مهم جداً، والمكسب الأهم هو وعى الشعب المصرى، بحقوقه وبأن قوته فى وحدته، بتغيير أحواله واستخدام جميع الوسائل السلمية لتحقيق مطالب تخص الشعب كله، وهو مكسب لن يتراجع المصريون عنه بعد أن خرجوا وعرفوا حقوقهم وأن قوتهم الشعبية تؤدى إلى تغيير وتحسين أحوالهم السياسية والمعيشية، والدليل أنهم استكملوا ثورتهم فى 30 يونيو ليسقط نظام تاجر بالدين والوطن».
«الحفناوى» ترى أن وعى الشعب بتجار الدين ولفظه إياهم أحد أهم المكاسب: «نظرة سريعة على برلمان 2016 تؤكد أن الشعب استرد وعيه ولم ينتخب أحداً ممن تاجروا بالدين، هذا وعى يستحق التوقف عنده، لشعب علم أن هناك مؤامرة من الدول الكبرى ضده، استعانت من خلالها بنظام الإخوان، وعليه تصدى الشعب مع الجيش والشرطة للإرهاب بكل صوره، وخرج المواطن العادى من دائرة التعاطف إلى المشاركة وهو ما يعطى المزيد من الأمل».
مواجهة مستمرة للفساد من الأفراد والدولة، مكسب آخر تعدده الدكتورة «كريمة»، مؤكدة أنه «أصبح هناك دستور فى 2014 يحمل حقوقاً اقتصادية واجتماعية عبر سنوات ناضل الشعب المصرى لأجلها، فنحن نتحدث عن حد أدنى للأجور وزيادة لميزانية الصحة والتعليم ودستور يحمل أول مرة مادة تحظر التمييز».
سعادة خاصة من السياسية المخضرمة بأحوال المرأة بعد الثورة: «استردت المرأة المصرية الثقة فى نفسها، وأصبحت تتصدر المشاهد، كما نرى أنها استطاعت رغم القوانين التى لم تنصفها أن تحرز مشاركة بمجلس الشعب وصلت إلى 14.6% من أعضائه مقابل مشاركة وصلت إلى 2% خلال البرلمان الذى شهد تطبيق الكوتة لأول مرة، ما يعنى أن 87 امرأة دخلن المجلس دون كوتة، وإن كان البعض يقلل من هذا ويشير إلى نسبة الـ50% التى ناضلنا لأجلها طويلاً، لكننى أقول إن هناك مكسباً تم إحرازه ويجب أن نسجله كى نعرف أين كنا وإلى أين نتجه»، كذلك توضح «الحفناوى» أن الاحتفاء بزيادة مشاركة المرأة فى البرلمان بنسبة 200% ليس سيئاً، ناهيك عن وضع استراتيجية قومية للقضاء على العنف ضدها».
«الحفناوى» بدت سعيدة كذلك بانتهاء حالة التبعية المعلنة التى اعتادتها الإدارة المصرية فى السابق: «أصبح على أى مسئول فى هذا البلد، بمن فى ذلك رئيس الجمهورية، تنويع علاقتنا بكل الدول على أساس المصلحة المشتركة والندية والشراكة، فالشعب الذى نادى باستقلال الإرادة الوطنية يرى بالفعل كيف استعادت مصر دورها الريادى فى الإقليم، على مستوى الوطن العربى والعالم، وعدنا إلى منظمة الوحدة الأفريقية، وحصلنا على مقعد غير دائم فى مجلس الأمن».
تصاعد الحركة الاجتماعية بعد الثورة والوعى بالمطالبة بالحقوق عبر القنوات الشرعية، والتخلص من الإخوان فى النقابات وعلى رأسها «الأطباء»، عقب سيطرة استمرت 20 عاماً، وتزايد مشاركة المسيحيين فى المشهد السياسى.. كلها مكاسب تؤكدها العضو السابق بحركة كفاية، مؤكدة «رغم بعض المساوئ التى تؤرقنا جميعاً، فإن الصورة بها إيجابيات يجب أن نذكرها ونضيف إليها».
الدكتور أيمن السيد عبدالوهاب، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكد أن الوعى السياسى للشعب المصرى فى تزايد، والدليل ظهر بوضوح خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ويضيف: «الشارع المصرى سئم الأحزاب الدينية، والشعارات المجوفة، ولفظ الإسلام السياسى تماماً، كذلك الأمر مع بعض الأحزاب المعروفة، ولذلك كان يبحث عن تجارب جديدة، وعليه رأينا فى المجلس وجوهاً شابة كثيرة جاءت بأصوات الناس وليس بالتعيين، قدموا أنفسهم وقبلهم الشارع وهو ما لم نكن نراه من قبل»، «عبدالوهاب» قال إن من أهم مكاسب الثورة أن الشعب أصبح يشعر بأنه صاحب قرار وسيادة، وعنصر فاعل ومؤثر.