«المردانى».. تاريخ ألقيناه فى «سلة القمامة»
«المردانى».. تاريخ ألقيناه فى «سلة القمامة»
اختفاء النقوش والزخارف من «المردانى»
رغم وجوده بين عشرات المبانى المتهالكة، فإنه بمجرد أن تدخله يأسرك فى روحانية، يقف صامداً متحدياً الزمن، يحوى مسحة من جمال زائل كسيدة عجوز ذهب عنها جمالها «مسجد الطنبغا المردانى»، الذى اتحدت ضده أيادى الإهمال حتى تركته محطماً مدمراً بمنطقة «سوق السلاح»، التى يقع فيها، حيث كان قديماً يزينها كممر يربط بين الشارعين ترى المارة يحملون أمتعتهم، ويعبرون بين بابيه، وكأنه أمر عادى، ليس ذلك فقط، بل لجأ البعض للاستفادة منه وحولوه لموقف للدراجات بل واستراحة للنوم على سجاد من كل لون، وتفنن أطفال المنطقة فى الاستفادة من فسيفسائه النادرة وحلياته الجصية القيّمة باللعب بها.
أهالى سوق السلاح حولوا المسجد إلى طريق عام وموقف للدراجات.. وحليات القبلة ألعاب للأطفال
بحزن تحدّث «عم أحمد»، المعيّن من «الأوقاف» لرعاية المسجد، قائلاً: «هبطت أرضيات المسجد وظهر النشع على الحوائط وتساقطت أجزاء منه، تفتتت فسيفساؤه نتيجة ارتقاء المياه الجوفية، وتشققت أخشابه، تفنن اللصوص فى سرقة كل ما هو قيّم ونفيس حتى تم تفريغ المنبر تماماً من حشواته العاجية، ومفتشو الآثار يأتون فى أوقات العمل الرسمية يمرون مرور الكرام يرون الحال وكأنه لا يعنيهم، والأوقاف تستبدل المشكاوات بأخرى حديثة وتضع مراوح الهواء، يتبرع الأهالى بالسجاد والمقاعد حتى أصبح المكان(مرقعاً) بسجاد من كل لون، ننتظر أن يتحرك أحد من الآثار لإنقاذ المسجد، ولكن لا حياة لمن تنادى».
وتابع: «لا بيرحموا ولا بيسيبوا رحمة ربنا تنزل، يمنعون الأوقاف من الترميم، ولا يتحركون هم لترميمه، سمعنا عن تجديده منذ سنوات بـ192 مليون، ويبدو أن تلك الأموال صُرفت على طريقة نجيب الريحانى (الشىء لزوم الشىء)، قبل أن يعاودوا منتصف العام الحالى معلنين عن منحة جديدة من مؤسسة الأغاخان لترميم المسجد بقيمة 30 مليون جنيه، ولا يزال الحال على ما هو عليه، ننتظر الفرج وندعو الله أن يدركونا قبل فوات الأوان وانهيار المسجد».
«نجمع بازلت وأحجار محراب القبلة من القمامة»، هكذا قال «هانى صلاح» الباحث الأثرى، مضيفاً: «الأملاح والمياه الجوفية أكلت الأحجار، وتساقط ما عليها، ودرنا كعب داير بين وزارتى الأوقاف والآثار، كل منهما تلقى بالمسئولية على الأخرى، والرد الجاهز دائماً مفيش فلوس، وحتى الآن لم يوضع حجر واحد لإنقاذ المسجد».
وعن تاريخ المسجد، قال الباحث الأثرى سامح الزهار: «يُعد جامع الماردانى من أجمل جوامع القاهرة، أنشأه سنة 740 هـ (1340م) الأمير علاء الدين الطُنبُغا بن عبدالله الماردانى الساقى المعروف بالطنبغا الماردانى أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون، ويتكون من صحن مكشوف مستطيل يحيط به أربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة».
وأضاف: «كان إيوان القبلة حافلاً بالزخارف والعناصر المعمارية الدقيقة، فعقوده محمولة على أعمدة من الرخام والجرانيت الأحمر، والسقف عليه زخارف ملونة مملوكية الطراز، وكُسيت الجدران إلى ارتفاع حوالى ثلاثة أمتار بوزرة مكوّنة من أشرطة من الرخام ومن قطع صغيرة من الرخام والصدف. للجامع ثلاثة مداخل فى الغرب والجنوب والشمال. والمدخل الشمالى هو المدخل الرئيسى، وهو بارز عن الواجهة مكسو بالرخام الملون الملبّس فى الحجر، وعلى يسار هذا المدخل مئذنة مكونة من ثلاث دورات تمثل قمة تطور المآذن من المربع إلى المثمن ثم الدائرة. محراب الجامع يُعد من المحاريب النادرة دقيقة الصنع بين محاريب مساجد القاهرة.