"أم ولاء".. "ست" في بيتها و"سواق تاكسي" في الشارع
"أم ولاء".. "ست" في بيتها و"سواق تاكسي" في الشارع
أم ولاء
ملابس بسيطة، ولفة بسيطة للطرحة تغطي كامل الرأس وتدل على الوقار، ووجه بشوش يبدو على ملامحه الرضا رغم المعاناة، أشياء تفاجئ المارة الذين ينتظرون وقوف "تاكسي" على الطرقات، ليجدوا بداخله السيدة البسيطة، التي تستقبلهم بابتسامة عريضة، تهون عليهم الطريق.
تجلس "أم ولاء" خلف مقود سيارتها، تطوف شوارع مصر لتأمين لقمة العيش ومصاريف المنزل لها ولابنتها البالغة من العمر (31 عاما)، والحاصلة على بكالوريوس خدمة اجتماعية.
تقول "أم ولاء" صاحبة الـ53 عاما: "بشتغل على التاكسي بتاع جيراني، ومشتغلتش غير الشغلانة دي، لو اشتغلت شغلانة تانية وارد صاحب الشغل يغلط فيا، أنا هنا محدش بيتكلم معايا في حاجة".
تبدأ "أم ولاء" يومها منذ الثامنة صباحا، تجوب الميادين والشوارع المختلفة بحثا عن الركاب، متناسية إرهاق العمل وساعاته الشاقة التي تقضيها في الشارع، تضيف "هي شغلانة مرهقة بسبب اني ست في البيت وراجل في الشارع، وده بيسببلي إرهاق زيادة، أنا لما بكون رايحة مكان بحاول اختصر الأماكن اللي فيها إشارات عشان الزحمة".
تؤكد "أم ولاء"، أنها تتعرض لمضايقات أثناء عملها، موضحة أن المضايقات تأتي أغلبها من أبناء المهنة، وليس من زبائنها أو رجال المرور، وكل تلك المضايقات لم تنل من عزيمتها في العمل على تاكسي أجرة، تقول: "سواقين التاكسي مفكرين ان الست واخدة رزقهم، عشان أنا واحدة ست وشغالة على تاكسي، الزبون لما يلاقي الست بتقوله حاضر ونعم وتوصله مشواره زيها زي الراجل أكيد هيختارها، إحنا جينا وجع قلب عليهم".
لم تكمل "أم ولاء" تعليمها، وتؤكد أنها كانت تعمل طوال الـ6 أعوام الماضية بدون "رخصة قيادة"، ما دفعها للتقدم للحصول علي تلك الرخصة، تقول: "لما بعدي على كمين بيقدروا حالتي، لكن أنا قدمت على رخصة بعد ما خدت شهادة محو أمية، وقالولي تعالي بعد شهرين، عشان يتأكدوا من الشهادة ونحددلك معاد الاختبار".
بنبرة حزينة تتحدث "أم ولاء" عمن تصفهم بالشباب العاطل: "دول المفروض يدوا أهاليهم مش ياخدوا منهم، ووجودهم زي عدمه، ولو فتحوا باب التجنيد للستات هتطوع، وميهمنيش سني الكبير، وتحيا مصر برجالتها وحريمها الصح".
تتمنى السيدة الخمسينية، التى تقضي يومها جيئة وذهابا من أجل البحث عن لقمة العيش أشياء بسيطة، تقول عنها: "بتمنى من الدنيا الستر والصحة، والمساعدة في إني اطلع رخصتي، عشان محدش يزعل مني".