أبو العز الحريري.. "الثائر الحق"
أبو العز الحريري.. "الثائر الحق"
أبو العز الحريري
شعر أبيض على جانبي رأسه، يعكس هموم شغلت تفكيره وخبرات منحتها له سنوات عُمره، جبهة عريضة وحاجبان كثيفان مرتفعان أصاب أغلبهما الشيب، يرفع إصبعه السبابة غضبًا، ويعلو صوته بوجه يغلب على ملامحه الامتعاض، وصوت جهوري لطالما جلجل تحت قبة البرلمان.
المناضل الثوري "أبو العز الحريري"، ولد في 2 يونيو من عام 1946م، بمحافظة المحلة الكبرى، وتلقى تعليم بسيط حيث حصل على دبلوم صنايع قسم ميكانيكا، ثم أكمل تعليمه بالتحاقه بكلية الحقوق (تعليم مفتوح)، دخل مجلس الشعب شابًا ممثلا عن دائرة كرموز بالإسكندرية، حيث كان أصغر النواب في برلمان 1976م، فلم يتعد عمره حينها 32 عاما، ونتيجة مشاركته في الاحتجاجات العمالية سُحبت منه الحصانة البرلمانية في عام 1977م.
خاض معارك انتخابات عديدة، ومنها انتخابات عام 1984م عن دائرة محرم بك في محافظة الإسكندرية، وامتد تاريخه البرلماني ليشمل ترشحه عام 1990م ليعتزل بعدها الحياة البرلمانية لفترة ليست قصيرة ويتفرغ للعمل الحقوقي والدفاع عن حقوق العمال.
وعاد تحت القبة مرة أخرى في عام 2000م، ليواجه النظام الحاكم بشكل قوي ويوجه له ضربات قوية، حيث قدم استجوابات عديدة لأمين التنظيم وعضو لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل أحمد عز وآخرين من رموز النظام السابق، وكان أشهرهم رئيس الوزراء عاطف عبيد في عام 2004.
وجاء ردود أفعال الحزب الحاكم آن ذاك حادة وعنيفة، حيث اعتقل الحريري 9 مرات في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، لمعارضته لاتفاقية كامب ديفيد وبعض الاتفاقيات الأخرى التي جعلته ينظم مظاهرات تعبيرا عن استيائه لما يحدث.
ولم تكن معاركه تجاه الأنظمة السياسية، فأسس الحريري التحالف الشعبي الاشتراكي بعد خسارته في انتخابات رئاسة حزب التجمع أمام رفعت السعيد في عام 2009.
وبعد قيام ثورة ا25 يناير، أثبت الحريري أن معارضته لم تكن ضد نظام بعينه بل ضد قرارات وقوانين ظالمة، فلم يستطع برلمان جماعة الإخوان أن ينأى بنفسه عنه، فكان الحريري أول من اتهم برلمان 2011 بعدم الدستورية وهو ما أثبتته المحكمة الدستورية فيما بعد.
وكان للمعزول نصيب كبير من انتقاد الحرير، فبعد أن ترشحه للانتخابات الرئاسية عام 2012 والتي انتهت بفوز رئيس جماعة الإخوان محمد مرسي، عارض الحريري المعزول واصفًا فترة حكمه لمصر بأنها "اغتصاب للدولة".
وفي الثالث من سبتمبر من عام 2014م، فقدت مصر أحد كبار مناضليها أبو العز الحريري، بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 68 عاما، لتنتهي رحلته تاركا بصمته في استعادة حقوق العمال والفقراء.