"الجامع الأزهر".. مأذنة ومصلون.. "وأكل" للقطط داخل المسجد
القطط "تغزو" الجامع الأزهر.. وعامل نظافة: "حرام نطردها"
قطة بالجامع الأزهر
يرتفع صوت الأذان عاليًا ليدعو العباد للصلاة، صوت عذب لمؤذن أحد أقدم المساجد القاهرية، فتستقبل أقدامك السجاد الأحمر، ويحدها من الأطراف جدران باهتة اللون، كدليل على قدم عمرها، إنه "جامع الأزهر الشريف" ذلك المسجد الواقع في حي الحسين الذي يعد أعتق أحياء "قاهرة المعز"، فيدخل المصلي منتشيًا بنسيم ساحة الجامع المطلة على الهواء الطلق، إلا أن المشهد داخل المسجد سرعان ما يصيب المصلي بالضيق، فها هي رائحة كريهة تستقبله بمجرد دخوله، ويقاطع صوت الإمام "أصوات القطط" المنتشرة بالمسجد.
بانتهاء الصلاة يتوجه أحد المصلين إلى ركن بالمسجد، حاملاً في يده "كيس بلاستيك"، وبجلوسه أرضاً ينثر قطع الطعام على أرضية المسجد، ويتجمهر حوله ما يقرب من 4 قطط تملأ بطونها، وبخروج حامل الكيس تودعه القطط حتى يغادر المسجد.
"القطط حرام نضربها ونطردها من الجامع، ده غير إننا ما نقدرش نمنعها من إنها تدخل"، قالها أحد عاملي النظافة بجامع الأزهر، وتابع قائلاً: "للأسف الناس بتحط الأكل للقطط جوا الجامع".
يمسك عامل النظافة في الجامع الأزهر بعبوة معطرة للجو، ويبدأ برش محتواها ليحسن من الرائحة الكريهة، والمتسبب فيها الطعام الموضوع للقطط، ليشتكي العامل قائلاً: "أنا كل شوية بضطر أرش معطر بسبب الريحة، ودايمًا بنكلم الناس عشان يحطو الأكل في ساحة الجامع، لكن ده للأسف مش بيحصل".
تسير القطة الأم ويتبعها صغارها، يجوبون أرض المسجد بين أقدام المصلين، يلهون سويًا حول الأعمدة، ولا مانع من الاستلقاء على سجاد المسجد لنيل قسط من الراحة.
"القطط كائنات طاهرة، وعمرها ما لوثت سجاد المسجد"، هكذا أوضح الأمر عم جمال، وهو القاطن في حي الحسين منذ ولادته، ويستكمل حديثه قائلاً: "القطط دي كائنات هادية جدًا ومش بتسبب مشاكل، ده حتى أمهم مرتاحة في الجامع وبتولد هنا كمان"، ويستمر عم جمال في حديثه: "لكل كائن حي رزق، ورزق الحيوانات دي جوا الجامع، بتاكل وتشرب وبتعمل كل حاجة"، واختتم حديثه: "أهم حاجة أن الكلاب مش بتدخل هنا".
أنهت إحدى القطط جولاتها داخل المسجد، لتتجه إلى الساحة الخارجية، ففي ظل جلوس الزوار، والمتكئين على الحوائط، وحديث البعض منهم في هاتفه الجوال، وآخرين يمسكون بالكتب، مع وجود ثنائيات تتجاذب أطراف الحديث سويًا، وتكوين حلقات بشرية من مختلف الجنسيات لمناقشة الأمور الدينية، وجلوس أفراد وحدهم يتلون القرآن بصوت عالٍ، تبدأ القطة في اللهو حول الجميع، ثم تتوسط الساحة ذات الأرض الرخامية، وتبدأ تتمايل وتتقلب على ظهرها وبطنها، وكأنها تستمتع برطوبة الأرضية.
وبالجلوس مع "عصام"، شاب في العشرينات من عمره، والمغترب عن بلده الأم طنطا، يبدأ في الحديث قائلاً: "أنا بشتغل في المنطقة اللي جنب الجامع بقالي 8 سنين، ودايمًا بشوف القطط دي في الجامع، بس مش بهتم بوجودهم".
وبعد إلقائه نظرة على قطة، يكمل عصام حديثه: "الجو في الساحة هنا جميل جدًا للقطط، خصوصًا في وقت المغربية مع طراوة الجو"، وبسؤاله عن سبب وجود القطط بكثرة داخل المسجد، أجاب: "يمكن يكون أصحاب المحلات في الشارع برا بيهشوهم ويطردوهم، فبيلجأوا للدخول في الجامع على طول".
وبانتهاء صلاة المغرب بالجامع الأزهر، يلتقط بعض الزوار الصور التذكارية بالمسجد، والبعض الآخر يستلقي على الأرض للحصول على قسط من النوم، وآخرون يمسكون بالمصحف لتلاوة القرآن، وتستمر القطط في اللهو واللعب في أركان المسجد، إلى أن يُرفع أذان العشاء.