25 عملية جراحية لعلاج وجه "إيناس" بعد أن رماها زوجها بـ"ماء النار"
عندما تصل المشكلات الزوجية بين الرجل والمرأة إلى طريق مسدود يكون الطلاق هو البديل الآمن، لقطع الطريق على استمرار الخلاف بينهما، ولكن الأمر قد يتحول إلى النقيض فى بعض الأحيان حينما ترغب المرأة فى الانفصال عن زوجها بينما يظل هو متمسكاً بها، ليس لسبب سوى أنه لا يرغب فى أن تكون لغيره، وفى حالة قدوم الزوجة على خطوة ترك عش الزوجية الملىء بالمشاحنات وطلب الطلاق بشكل رسمى سواء عن طريق المحاكم أو بواسطة الأهل والمعارف، تتحول معركة الزوج معها لـ«طالما مش هتبقى ليا مش هخليكى تنفعى لغيرى» وعندئذ فلا صوت يعلو على صوت (أكل مياه النار فى لحم جسد الزوجة).
«طالما مش هتبقى ليا مش هخليكى تنفعى غيرى»، نص آخر مكالمة تمت بين «إيناس»، 25 سنة، وطليقها بعد زواج دام لمدة عامين ونصف، أصرت بعدها على الانفصال، وهو ما تم بالفعل بعد سنة كاملة من الخلافات بينهما داخل أروقة المحاكم، وبعد مرور عدة شهور تقدم شاب لخطبتها وقبل أيام من إقامة الحفل استقبلت مكالمة من رقم خاص يتوعدها بالقتل والحرق.
«كنت عارفة إنه هينتقم منى وهيئذينى علشان كده فضلت 3 شهور محبوسة فى البيت مابنزلش لأنه ساكن فى عمارة قريبة مننا، وفى المرة الوحيدة اللى نزلت أجيب علاج لأبويا من الصيدلية أخدت معايا أختى الأصغر منى، اتفاجئت بيه واقف تحت العمارة وقرب منى ورمى علىّ مية وجرى وهو بيقولى ربنا يتمم بخير».
فقد العين اليمنى بشكل تام، و25 عملية جراحية للسيطرة على ماء النار المركزة التى أصابت أجزاء متفرقة من جسد «إيناس»، والانتظار داخل جدران المستشفى لمدة تزيد على العام قبل أن تخرج الفتاة العشرينية لمواجهة نظرات المجتمع التى وصفتها بأنها تأكل ما تبقى من جسدها فتقول «بعد ما خرجت من المستشفى مبقتش عارفة أواجه نظرات الناس ولا مرواحى كل يوم المحاكم علشان أقول أقوالى فى القضية ولا المستشفى علشان أستكمل علاجى».
تقول الدكتورة رحاب صبحى أستاذ مساعد الأمراض الجلدية بمستشفى قصر العينى إن التشويه بمياه النار يعتبر أخطر حالات الانتقام على أعضاء جسم الإنسان، لأنه يتسبب فى إحداث تشوهات عميقة فى الجلد والوجه وأماكن أخرى بالجسد، ويترك علامات تستعصى على الحلول الطبية التقليدية وهو ما يتطلب تدخل علاج الليزر الذى يعيد إنتاج مادتى الكولاجين والإيلستين فى جلد المصاب مرة أخرى، لكنه يواجه عقبة ارتفاع تكلفته حيث تصل سعر الجلسة الواحدة إلى 5 آلاف جنيه فى الوقت الذى يحتاج فيه المريض إلى 10 جلسات على مدار 3 شهور.
وعن الإسعافات الأولية التى يجب اتباعها عند التعرض للحرق بمياه النار شددت «صبحى» على ضرورة إزالة مياه النار من على الجسم، سواء بالمياه العادية أو باستخدام قطع قماش مبللة، لمنع تسربها إلى الأجزاء العميقة بجلد المصاب لتقليل حجم التشوهات وضعف الأنسجة.
وطالبت أستاذ الأمراض الجلدية بضرورة تحرك الجهات المسئولة لتشديد الرقابة على عمليات البيع العشوائى التى تتم لزجاجات مياه النار والمواد الحارقة داخل محلات بيع المنظفات، التى تنتشر فى المناطق العشوائية والريفية، والتى توجد تحت مرأى ومسمع من الجميع.
وترى الدكتورة نوران حسين مدير الجمعية المصرية لصحة المرضى، أن حوادث الحرق بمياه النار داخل الأسرة الواحدة زادت بشكل مكثف فى السنوات الأخيرة، نتيجة ارتباطها بخلل نفسى وعدم اتزان داخل شخصية مرتكب تلك الجريمة نتيجة تعاطى المخدرات.
وأكدت «نوران» أن أولى خطوات العلاج للمرضى الذين يتعرضون لتلك الحوادث يتمثل فى إعادة تأهيلهم نفسياً، لذا يفضل أن يكون الفريق المعالج للمريض موحداً، بمعنى أن يتم اخضاع المريض للعلاج بأنواعه المختلفة فى نفس المركز، حتى لا يتشتت ذهن المريض ويسهل على الفريق المعالج مهمة علاجه.