بروفايل| سعود الفيصل رحيل "فارس"
ملامحه تنم عن حدة وصرامة فى التعامل، بينما شخصيته تحكى قصة رجل قضى عمره كاملاً فى العمل الدبلوماسى، قاد سفينة السياسات الخارجية لبلاده ورسم خطوطها العريضة على مدار عقود طويلة عاصر خلالها تغيرات عنيفة مرت على المنطقة، وبقى هو «جبلاً» رسّخ جذوره فى الأرض لا يهتز تأثراً برياح التغيير فى العالم، ومرت عليه حروب المنطقة جميعاً، وساهم فى وضع نهاية لبعض الصراعات الداخلية فى عدد من دول المنطقة.
قبل عدة أشهر، كان وزير الخارجية السعودى السابق، الأمير سعود الفيصل، على موعد أخير مع الظهور العلنى فى قمة شرم الشيخ الأخيرة، حينها أرسل الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، رسالة إلى القادة العرب يؤكد فيها أن بلاده تؤيد الحل السياسى للأزمة فى سوريا.. أثارت الرسالة حفيظة «الفيصل» ورغم مرضه وقتها، أعلنها صراحة: «لسنا دعاة حرب، ولكننا جاهزون لها إذا قُرعت طبولها».
حينما تولى «الفيصل» منصب وزير الخارجية السعودى عام 1975 خلفاً لوالده الملك فيصل بعد اغتياله، كان العالم مختلفاً كثيراً عما حل به الآن؛ كانت الولايات المتحدة أنهت للتو حربها على «فيتنام»، بينما مصر وإسرائيل تبحثان احتمالات التوصل لاتفاق سلام ينهى الصراع الطويل بينهما. استحق الأمير السعودى الراحل لقب «عميد الدبلوماسية» فى العالم، فهو الوزير الأول فى العالم الذى يقضى كل تلك الفترة فى الخدمة.
لـ«الفيصل» إنجازات لا يمكن للتاريخ أن ينساها، فهو الأمير الذى استطاع وضع أسس التفاهم لاتفاق «الطائف» الذى أنهى الحرب الأهلية فى لبنان، وهو نفسه «الدبلوماسى المحنك» الذى رفض الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، وأعلنها صراحة: «لو كان تغيير النظام سيأتى بتدمير العراق فإنهم يحلون مشكلة ويخلقون 5 مشكلات أخرى». بينما يشهد له ساسة العالم بالحكمة والدهاء، فهو «أكبر الساسة فى العالم حنكة وحكمة» فى أعين برنار كوشنار، وزير خارجية فرنسا الأسبق، بينما مدحه ميخائيل جورباتشوف، آخر رؤساء الاتحاد السوفيتى، قائلاً: «لو كان لدىّ رجل كسعود الفيصل.. ما تفكك الاتحاد السوفيتى».