م الآخر| خيانة لـ"سيدة العالم"!
أنت خنتها لأنها سيدة العالم، ولأن جسدها "مطهر من الدنس"، وليس مطية لشهواتك كبقية النساء، العجيب أنك تبكي خيانتك لا لتتحرر من الذنب، بل لأنك لم تجد شيئا آخر لتفعله.. تبكيها خافيا وجهك منها لأنك فاشل في مواجهتها، وهي تنظر لك من فوق سجادة الصلاة كأنها كوكب، وكأنك شهاب ممزق الوصل في محراب حبها القدسي.
كانت تفتت له قطع الدجاج ليسهُل عليه أكلها وهي عالمة بخيانته.. ينتحب داخلها، فتخفي دمعاتها وسط لقيمات تأكلها على مهل وارتباك، كأنها قابضة على جمر .. كاذب وخائن وهي تعلم، وهو متبسم ببلاهة لا يدري لم هي تتطلع إليه متحفزة، من أسفل لأعلى، كأنها تراه للمرة الأولى!.
كانت تحلم كل ليلة ببتلات ورد، وفستان أبيض وصدح الأحبة يدوي في عرسها لمجد زواجها من حبها الأول والأخير، لكنها أفاقت على جرح مسموم، وصاحب الجرح لا يبرر، فيزيد الوجع إيلاما وغلبة، ويزيدها نفورا وإصرارا على فسخ رباطهما المقدس.
قال لها بعد تردد وصمت صائم عن التبرير، أنا لست مؤمنا بك كامرأة، لست راغبا في انتهاك جسدك ولست مستعدا لهذا، خنتك لأني أجد في غيرك عهرا مجانيا حاشاكي أن تملكيه، فأنتِ كالزنبقة التي لم يمسسها بشر، أنتِ كينبوع تائه في بلاد الأعاجم دون دليل، لا يلغه الكلاب.
صمتت ثم ضعفت فغلبها البكاء، استجارت به وانهارت بين ذراعيه، هي لم تحب سواه وهو أيضا، لكن الخيانة موجعة، والوجع منه وبسببه هو بالذات، ليس يشبه شيئا من العالمين.. حكت عن احساسها الأول وحكى عن احساسه الباقي وتلى على أذنيها قسم الخضوع لجسمها وحدها، لقلبها وحدها دون الخلائق.
هي سامحته لأنها لا تعرف من الكون سواه، ولأنها كانت ترى كل منام في صدره حياتها المستقبلية وقبرها.. لم تعد تعرف من الدنيا إلا الحنين إليه والتودد لغضبه والهدهدة على وجعه، ولم تعد تجيد من فنون الزوجية إلا الاحتماء به رغم الخيانة، وافتراش الأرض تحت قدميه رغم خسته.
في المقابل ظل هو يمني نفسه لو أن ثقتها به عادت كما كانت، تمنى لو أن الزمن عاد بهما قبل اكتشاف حقيقة الخيانة.. ذهب من أمامها كأنما هو موشوم بالعار والفضيحة، لكنه ظل منتشيا بدمعتها لأنها أظهرت الرقة التي يفتقر إليها، وأظهرت القيمة التي يعلمها وكان طوال الوقت يتمنى أن يراها منها رأي العين.