منى الحسينى الصراحة الغائبة
بشعر ذهبى ووجه أبيض ممتلئ قليلاً، تجلس بأريحية على مقعد وثير أمام عدسة التلفاز، تقدم برنامجها الذى أصبح أحد الطقوس الرمضانية على مدار 20 عاماً، ظل قبلة المشتاقين إلى الصراحة والجراءة، لينتشوا فى مشاهدته بأكثر التصريحات النارية وأغرب الاعترافات التى كانت تنتزعها المذيعة الجريئة من ضيوفها النجوم وأعلام الفن والسينما، من خلال جرعة حوارية مشبعة.
ما إن تنتهى ألحان الأغنية «حوار صريح جداً جداً.. كلام مريح جداً جداً»، لتستهل حديثها بمقدمتها الشهيرة «ويستمر الحوار مع ضيف جديد وجولة جديدة فى دروب الصراحة»، تلك المقدمة المعهودة التى ظلت تطل بها فى بداية كل حلقة من برنامجها «حوار صريح جداً» المذاع على القناة الثانية فى رمضان طيلة عشرين عاماً منذ التسعينات، إلى أن توقف بعد اندلاع ثورة 25 يناير.
وعلى مدار العقدين، لم يتعثر برنامجها سوى مرات قليلة فى موسمه «رمضان»، إذ كانت تحتكر هذه النوعية من البرامج الحوارية الساخنة، ووضعت هذه التركيبة الجريئة التى قامت عليها جميع البرامج الحوارية التى نشاهدها الآن، وقدمت خلال برنامجها نجوماً لمعوا فى سماء الفن وأجيالاً متعاقبة فى تاريخ السينما والتليفزيون، جلسوا أمامها على مقعد الصراحة، إذ ترى «الشرير خفيف الظل» عادل أدهم كرجل مثقف وهادئ، طيب الطباع، فى فترة كان فيها متوقفاً عن أداء أى أعمال فنية بسبب حادث وقع له أثناء تصوير أحد الأفلام، وحوار مع «مهندس البهجة» فؤاد المهندس، و«الكينج» محمد منير الذى تحدث معها عن لحظات مولده وطفولته بصدق، ونجم الكرة الراحل الجنرال محمود الجوهرى، قليل الظهور الإعلامى حينما تحدث عن خبرته الكروية، وكثير من النجوم الذين قرروا الحديث بكل جراءة وظهروا معها فى أكثر البرامج جراءة وكشفاً، أبرزهم تحية كاريوكا و«نجمة الجماهير» نادية الجندى التى كان حوارها يعتبر من الحوارات النادرة معها فى تلك الفترة، ثم حوار مع «نجمة مصر» نبيلة عبيد ومديحة كامل، وغيرهم من الفنانين والفنانات الذين اختصتهم وحدها بأجرأ الحوارات الساخنة لتتربع وحدها على عرش البرامج الحوارية.
علقت «الحسينى» على وقف برنامجها فى أحد الحوارات التليفزيونية، أنه لم يكن بسبب أحد، وأنها كمذيعة تحب أن تكتب وتتكلم بلسان كامل، وليس بلسان وقلم مقصوف، وأنها تمتلك العقل والنضوج الذى يؤهلها للظهور على الشاشة، ولكن عندما يسلب كل ذلك منها فى الوقت الذى لا يستطيع فيه أصحاب القرار أخذ قرار، وتخرج من بوتقة النصف حرية إلى اللاحرية، ويبدأ حذف الكلام ومقص الرقيب، شعرت بالإحباط وتركت التليفزيون المصرى وذهبت لقناة دريم الفضائية التى قدمت فيه برنامج «نأسف على الإزعاج». لكن فى عام 2010 عادت منى الحسينى للتليفزيون المصرى لتقدم برنامجها، موضحة أن التليفزيون يبدأ عهداً جديداً ويريد أن يجذب الناجحين وعندما طالبوا بعودتها وافقت، لكن فى عام 2011 بعد قيام الثورة فضلت ألا تقدم برنامجها الشهير فى رمضان، وثمة محاولات لم تكتمل بالعودة بقوة إلى الشاشة عن طريق برنامجين «كشف المستور» و«على المكشوف» خلال العامين الماضيين يحملان بصماتها الجريئة التى اعتادت عليها فى برنامج «حوار صريح جداً» لتظل صراحتها غائبة.