بالفيديو| الرؤساء و"الزي العسكري".. السادات شهيدا والسيسي ضد الإرهاب
دائما ما كانت صورتها مرتبطة في أذهان المصريين بالعزم والحسم والروح القتالية، إلا أن تلك البدلة العسكرية لم يقتصر حضورها فقط على ساحات التدريب وجبهات القتال، بل كانت في كثير من الأحيان رمزا يفتخر من خلالها القادة بانتصارات شعبية أو بطولات خالدة سجلها التاريخ، ولم تنس تلك البدلة أن تكون ملطخة بدماء جندي قرر أن يقدم حياته فداءً لوطنه، أو رئيس ارتداها لتكون آخر ما يكسو جسده قبل أن يلقى الشهادة بين أبنائه.
لم تكن "البدلة العسكرية" لدى الملك فاروق الأول مجرد زي يظهر به بين حاشيته أو في المناسبات الرسمية التي يلتقي فيها جنود جيشه، بل كانت عاملًا مهمًا في وقوع علاقة الحب التي ربطته بزوجته الملكة "ناريمان"، التي تروي أنها كانت محتفظة بالعديد من الصور له، وكانت صورته مرتديا البدلة العسكرية سببا في إعجابها به قبل أن تقابله، إلا أن عشق الملك لتلك البدلة العسكرية بدا واضحًا حينما قرر أن تكون مصاحبة له في المشهد الأخير الذي خرج فيه من البلاد بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952.
"البدلة العسكرية" كانت هي الزي الوحيد الذي ظهر به الرئيس الراحل محمد نجيب، أول رئيس مصري بعد الثورة، ليعبِّر من خلالها عن اعتزازه الشديد بكونه ضابطًا في الجيش المصري قبل أن يكون حاكمًا للبلاد، فها هو فيلم تسجيلي يوثق احتفال الرئيس محمد نجيب بالعام الأول على قيام ثورة يوليو بنادي الضباط بالزمالك مرتديا بدلته العسكرية ويستقبل ضيوفه بحضور البكباشي جمال عبد الناصر وأعضاء مجلس قيادة الثورة الذين شهدوا معه عرضا عسكريا كاملا سارت فيه قوات رمزية تمثل وحدات الجيش المختلفة، وتلاها عرض لفرق الجوالة والكشافة المصرية والسودانية، في عرضٍ عسكري يعبر عن عزم الجيش المصري على تحرير بلاده من كل مستعمر غاصب والحفاظ على كل نقطة من أرض الوطن.
رغم ظهور الرئيس جمال عبد الناصر بالزي المدني العادي في مناسبات عديدة، وزياراته المتكررة لجنود مصر على جبهة القتال بنفس الزي إلا أن "البدلة العسكرية" ارتبطت معه بمناسبات انتصرت فيها إرادة الشعب المصري واسترد جزءا من حقوقه التي غابت عنه طويلا، حيث لم ينس التاريخ صورة "ناصر" أثناء احتفاله مع الفلاحين بتوزيع الأراضي الزراعية عليهم وإعطائهم عقود ملكية الأراضي التي سال عرقهم عليها سنواتٍ طويلة دون أي مقابل، ثم تأتي صورة ثانية بعد عامٍ من تنصيبه رئيسا للبلاد، مرتديا "البدلة العسكرية" أثناء استقبال رسمي من مندوب عن الحاكم الباكستاني ورئيس وزراء البلاد محمد علي، إلى جانب رئيس أركان الجيش وقادة أفرع الجيش المختلفة، ورفع علما البلدين ووقف الرئيس جمال عبد الناصر ورئيس الوزراء الباكستاني حيث تم عزف السلام الوطني للبلدين، قبل أن يتوجه "ناصر" لقصر الحاكم العام في باكستان لعقد مباحثات هامة بينهما.
لـ"البدلة العسكرية" مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات حكايات وحكايات، فلطالما ظهر مزهوًا بها في مناسبات من أهمها خطابه الذي ألقاه بمجلس الشعب في 16 أكتوبر عام 1973 للاحتفال بنصر مبين على العدو الإسرائيلي أفقد فيه الجيش المصري العدو قواه في 6 ساعات، ثم عادت تلك البدلة العسكرية لتظهر يوم الخامس من يونيو عام 1975 أثناء إعادة افتتاح قناة السويس، ووقف السادات شامخا يطمئن العالم كله أننا نفتح قناتنا شريانًا للعالم كله، ثم صاحبته تلك البدلة خلال المشهد الأخير في حياته وهو يشهد العرض العسكري الذي أقيم في 6 أكتوبر عام 1981 للاحتفال بالذكرى الثامنة للنصر، قبل أن تطله اليد الآثمة وتملأ تلك البدلة الشامخة بالدماء.
صورة القائد الأعلى للقوات المسلحة، بزيه العسكري غابت عن 3 رؤساء مصريين ظهروا خلال فترات حكمهم بزي مدني كامل في جميع المناسبات، فقد توقف الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن ارتداء تلك البدلة عقب توليه الرئاسة بعد أن ظهر بها مرارا مع الرئيس أنور السادات وقت أن كان نائبا لرئيس الجمهورية، وتبعه محمد مرسي ثم الرئيس السابق عدلي منصور الذين لم يرتديا تلك البدلة العسكرية باعتبارهما رئيسين من خلفية مدنية.
الرئيس عبد الفتاح سيسي كان له رأي آخر يتعلق بارتداء "البدلة العسكرية" يتمثل في تقديره لجنود جيشه البواسل الذين لقنوا الإرهاب درسا لن ينساه صبيحة الأول من يوليو عام 2015، حينما تصدوا للعملية الإرهابية الغادرة التي استهدفت إسقاط مناطق رفح والشيخ زويد والعريش بشمال سيناء إلا أن جنود القوات المسلحة استطاعوا أن يحبطوا ذلك المخطط ويقتلوا المئات من الأعداء، ليقوم الرئيس السيسي بعدها بزيارة مفاجئة لشمال سيناء يقدم فيها التحية لأرواح الشهداء ويقدر بسالة الأحياء من الجنود، مرتديا بدلته العسكرية التي أعادته إلى مشهد توليه منصب وزير الدفاع الذي توج 30 عاما من خدمته لبلاده ضابطا وقائدا بالقوات المسلحة.