قصر الاتحادية "شاهد على الثورة".. من حصن الحاكم لملجأ الثائر
"قصر الاتحادية"، أحد أهم القصور الرئاسية في مصر، شهد حراسات مشددة طوال فترة حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إلا أن مخالب الثورة، لم تأبه للقصر كما لم تأبه للرؤساء، ونطقت أسواره بالثورة، فأصابت جدرانه بمرض "التقشير" والرسومات، ولم تنته المحاولة في إعادة ترميمه حتى الفترة الحالية.
بعد ثورة 25 يناير، عرف الشعب مكانه وسبيله للتظاهر أمامه، وفي الأيام الأخيرة لرئاسة مبارك، أعلنت 47 قوى ثورية، في مؤتمرين انطلاقهما نحو القصر لإسقاطه بعد تهديدات بالزحف من خلال مسيرات ضخمة من المعارضين إذ لم يتخل عن كرسي الحكم قبل الظهيرة، إلا أن بيان نائب الرئيس ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان بتنحي مبارك كان الأسبق من خطواتهم.
لوم يختلف الأمر كثيرًا في فترة رئاسة الرئيس الأسبق محمد مرسي للبلاد، حيث اندلعت احتجاجات غضب بعد ما أصدر مرسي إعلانًا دستوريًا بتاريخ 22 نوفمبر 2012 حيث استمرت الاحتجاجات، وشملت محاصرة قصر الاتحادية، الأمر الذي خلف عدد من الجرحى والقتلى بسبب الاعتداءات الغاشمة لأفراد تنظيم جماعة الإخوان ضد الثوار الذين افترشوا قصر الاتحادية.
عامان كاملان مرا على أحداث الاتحادية ضد مرسي، وتحرك حركة "تمرد" وجموع المصريين لعزل مرسي، يتذكرها الحاج مجدي أحد جيران قصر الاتحادية جميعها، ليقول إن ثورة 30 يونيو اختلفت كثيرُا عن ثورة 25 يناير، وذلك لكون ثورة 30 يونيو كانت بمثابه "فسحة لحديقة الحيوان"، بعد أعلنت القوات المسلحة بتأمينها جميعًا، موضحا أن الأهالي الذين قرروا المشاركة في تلك الفعاليات نزولوا مع أطفالهم وأسرهم حتى للاشتراك في تلك الفعاليات للأهالي.
يضيف مجدي لـ"الوطن"، أن مجمل الأيام التي شهدها قصر الاتحادية كانوا 3 أو 4 أيام قدم إليه جموع المصريين من كل حدب وصوب، موضحًا أن المحال المحيطة بمبني الاتحادية كانت تكسب قوتها من المياه المعدنية والعصائر، مؤكدًا أن تلك الفترة لم يحدث بها أية مشكلات، مشيرًا إلى أن التظاهرات لإيقاع مرسي كانت الأهم لعزم الإخوان على خسف مصر إلى "سابع أرض".
خطوات بسيطة من ميدان روكسي باتجاه قصر الاتحادية ترى فيها محال الملابس والأحذية يمينا ويسارًا، وقبيل قصر الاتحادية بمسافة بسيطة، وقف شابًا طويلاً نحيفًا بأحد محال بيع ألعاب الأطفال يدعى حسن محمد، يقول إن فترة ثورة 30 يونيو كانت "لطيفة" إلى حد كبير فكان المصريون يتجمعون غير أبهين بأية أخطار من الممكن أن تحدث.
وأضاف محمد لـ"الوطن"، أن فترة ثورة 25 يناير 2011 خَّدم فيها بالجيش المصري باعتباره مجند، موضحا أن "ثورة 25 يناير أنا ماكنتش عارف عنها كتير علشان كنت بخدم في الجيش بس يوم 30 يونيو الناس كلها كانت نازله متضايقة من حكم جماعة الإخوان ونازلين يعبروا عن نفسهم".
آرقت التظاهرات التي شهدها محيط الاتحادية وما خلفها من قطع للطريق المؤدي إليه من قبل قوات الأمن والجيش البائع الذي وصفها بـ"قطع عيش"، مضيفًا أن التجارة الخاصة به تضررت عندما كان يمتلك محلًا أمام بوابة قصر الاتحادية، لغلق قوات الجيش البوابات المؤدية له، لذلك لاقت تجارته خسارة مدة شهران متتاليان حتى أغلقه.
ما بين الاحتفالية والثورة لم يعرف البائع الفرق بينهما، يسكت لحظات ثم يعاود الحديث "30 يونيو كانت بالنسبة لناس كتير أوي مجرد احتفالية مش ثورة، علشان محدش مات فيها كتير والجيش كان بيحمي، أما ما حدث في التحرير كان ثورة علشان فيه شباب كتير ماتوا".
محمد عبدالفتاح أحد محرري قناة "العربية" والقاطن بجوار الاتحادية، يقول إن المظاهرات التي اندلعت لعزل الرئيس الأسبق محمد مرسي شارك فيها عددًا كبيرًا من المتظاهرين، حتى إنها ظهرت كمباراة "في كأس العالم"، موضحًا أن جميع أطياف الشعب كانوا متكاتفين مع بعضهم البعض.
وأضاف عبدالفتاح، أن ثورة 30 يونيو بدأت بظهور جماعة الإخوان وجميع التيارات والأحزاب بشكل عام، موضحًا أن ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو لم يختلفا كثيرًا، مؤكدًا نزول المواطنين إلى الشوارع والميادين لإسقاط مرسي شعر خلالها بـ"الأمل" لتكاتف المصريين وظهورهم كالكتلة الواحدة، بجانب إفطار المسلمين بعد صيامهم سويا بعدما أحضر كلا منهم إفطاره واضعا في الاعتبار إفطار غيره معه.