أسعار "سلع رمضان".. معركة بين التاجر والمواطن.. والحكومة "خارج اللعبة"
مرَّت البلاد بظروف اقتصادية صعبة، حيث يعاني الكثير من المواطنين من البطالة وعدم توافر فرص العمل والشكوى الدائمة من سوء مستوى المعيشة وتدني مستوى الدخل، إلا أن أسعار السلع الرمضانية هذا العام أصيبت بالجنون بالنسبة للأعوام السابقة ولذلك تشهد أسواق الياميش إقبالاً ضعيفاً هذه الأيام بشكل كبير، رغم توقع الكثير أن مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم ومرور عام على رئاسته بأن تكون أسعار السلع في متناول الجميع.
ولم تخلُ أسواق السلع الرمضانية من جذب المواطنين بالطرق السياسية، حيث أطلق الباعة أسماء سياسية على بعض المنتجات مثل "بلح السيسي" وهو الأعلى سعرًا ، ويوجد نوع آخر يسمى "بلح عدلي منصور"، فيما لم ينسَ التجار الرئيس الأسبق محمد مرسي ليطلقوا على النوع الرديء من البلح "بلح المعزول".
في الوقت ذاته، من العام الماضي، كان الإعلام والإعلاميون منشغلين تمامًا بالحديث عن ارتفاع أسعار السلع الرمضانية وأكدوا أن ارتفاع أسعار المنتجات تسبب في حالة من الاستياء للمواطنين ما يترتب عليه امتناعهم عن شراء ما يحتاجونه من منتجات رمضانية قبل هذا الشهر الكريم.
وقال الإعلامي محمود سعد إن المواطن الذي اعتاد شراء كمية معينة في هذا الشهر الكريم، أصبح يشتري نصف الكمية، كما أن معظم المواطنين أصبحوا يشترون البلح وقمر الدين والعرقسوس وجوز الهند، وابتعدوا عن الياميش، ودعا سعد الحكومة بالنظر لأحوال المواطنين ومواجهة ارتفاع الأسعار بخطة طويلة الأجل، تساعد المواطن العادي على العيش حياة كالحياة.
فيما لم يناقش سعد، تلك القضية في العام الحالي واكتفى بمعاتبة الحكومة على ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخضراوات، حيث استنكر محمود سعد تصريحات المتحدث باسم وزارة التموين محمود دياب الأخيرة، والتي قال فيها "يمكن للمواطن استبدال البامية اللي بـ20 جنيهًا بالكوسة اللي بـ2 جنيه ونص مثلاً"، قائلًا: "هنسمع كلام المتحدث باسم التموين ونأكل بطاطس طول السنة، ونخلي ساعتها اللي بيبعوا البامية بـ20 جنيه يأكلوها هما، بس يطلعوا يقولولنا إنهم يحاربوا الفاسدين ويقضوا على الغلاء ده".
من ناحية أخرى، علق الإعلامي أحمد موسى على قضية ارتفاع الأسعار وأكد أن الهدف من مناقشة قضية ارتفاع الأسعار التي تفشت في الفترة الأخيرة هو المواطن المصري وأن هناك قضايا لا يمكن تجاهلها لأنها تضر بالمواطن المصري البسيط، موضحًا أن الشكوى من ارتفاع الأسعار نابعة من السواد الأعظم من المواطنين ومن الطبقة المتوسطة التي تمثل غالبية الشعب المصري.
وأضاف موسى أن مثل تلك القضايا والأزمات ليست لإثارة البلبلة ولكن لإيجاد حلول لها وعدم تركها تتفاقم وتتحول إلى أزمات لا يمكن حلها، فيما أرجع الإعلامي إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يتلقى تقارير من الجهات التي تقيم أداء الوزراء والمحافظين بالشارع لأن أسعار الخضراوات والفاكهة في ارتفاع ولم تعد بمقدور المواطن البسيط.
بينما علق الإعلامي مجدي الجلاد، رئيس تحرير جريدة "الوطن"، على ارتفاع الأسعار في العام الماضي، وعرض الجلاد تقريرًا يكشف الأزمة، وقال فيه أحد المواطنين إنه أحيانًا يمر على أسرته 72 ساعة بدون طعام وأن 65% من الشعب المصري غير قادر على شراء الفاكهة بسبب الارتفاع المتكرر في الأسعار.
وأوضح "الجلاد" أن الأسر المصرية تشكو دومًا من الارتفاع المتكرر في الأسعار وأن مصر غنية من وجهه نظر أهلها وفقيرة من وجهة نظر الحكومة، مطالبًا المسؤولين بتطبيق أي تجربة على أنفسهم أولًا قبل تطبيقها على الشعب، مضيفًا: "الغرف التجارية رصدت زيادة في أسعار الأدوات المدرسية بنسبة 40%".
فيما دعا الإعلامي عمرو أديب المواطنين لمقاطعة السلع والخضراوات لإجبار التجار على خفض الأسعار والتراجع عن الجشع، موضحًا أن المعركة بين المواطن والتاجر والحكومة خارج اللعبة والحل في مقاطعة السلع لإجبار التجار على حفض الأسعار، موضحًا أن أسعار الخضراوات شهدت ارتفاعًا كبيرًا خلال الفترة الماضية.
وأضاف أديب، قائلًا: "لازم يبقى أنت كمواطن عندك وعي وتقلل مصيبة ارتفاع الأسعار، وتدوّر على الأماكن اللي بتبيع الخضار بسعر أرخص لحكومة مافيش منها فايدة، حطوها على جنب، والبلد دي اقتصادها مش هيتحسن دلوقتي، أنا عايزك أنت يا مواطن النهارده تاخد حقك".
فيما شن الإعلامي يوسف الحسيني هجومًا حادًا على حكومة المهندس إبراهيم محلب، بعد غلاء الأسعار الخضراوات والسلع الرمضانية في الأسواق المصرية، مشيرًا إلى أن بعض الوزراء وعدوا بخفض الأسعار ولم يتحقق ذلك، واصفًا إياهم بأنهم يتعاملون بنفس أسلوب جماعة الإخوان، حيث إن هشام قنديل رئيس الحكومة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، قال: "لو الدنيا حر ألبسوا قطن".
وتساءل الحسيني: "لماذا لم تشترِ الدولة جزءًا من المحصول وتخزنه لطرحه على المواطنين بأسعار بسيطة لمواجهة جشع التجار، مفيش إجابة غير إن الدولة مبتعرفش، الحكومة مبتعرفش"، موضحًا أن مصر على أعتاب ثورة ثالثة بسبب الارتفاع في الأسعار، لو صمتنا عن ارتفاع الأسعار فلن يحترم الشعب الإعلام".
فيما لم يتناول القضية الإعلامي تامر أمين، واكتفى بالتعليق على ارتفاع أسعار السجائر ومهاجمة الدولة والحكومة واتهامها بأنها تريد تعكير مزاج المواطنين، حيث قال أمين إن الحكومة قررت رفع أسعار السجائر وبصراحة، "ظبطونا ظبطة محترمة الحقيقة، علشان علبة السجاير دي مع كوباية الشاي كانت هي المزاج المعتدل للمصريين"، مشيرًا إلى أن كل كشك يبيع السجائر بسعر مختلف عن الآخر.
وتابع أمين: "مش قادر أقول حملة السخرية على الفيس بوك من المصريين على قرار الحكومة بزيادة سعر السجائر، علبة السجائر نحوش شوية عليها ونجيب صباع حشيش".
فيما قالت الإعلامية لميس الحديدي إن ارتفاع الأسعار في السلع الرئيسية والإستراتيجية أمر غير مقبول، وانتقدت دور جهاز المنافسة ومنع الاحتكار، قائلة إن دوره متركز سنويًا في قضيتين للحديد والأسمنت، لكن في بقية قضايا الناس الرئيسية حدِّث ولا حرج، مشيرة إلى أن هناك ارتفاعًا كبيرًا غير مبرر في بعض أسعار الخضراوات والفاكهة والأسعار تنخفض في العالم كله إلا لدينا بسبب قصور شبكات التوزيع.
وعرضت "الحديدي" تقريرًا أعدَّته مراسلة برنامجها، حيث اشترت وجبتي فطار وغداء، وصوَّرت مشاهد الشراء، واشترت المراسلة وجبة الفطار مكونةً من أنواعٍ من الجبن والزيتون والعيش، بتكلفة 45 جنيهًا، من أصل 100 جنيه، خصَّصتها لشراء وجبة الفطار وانطلقت عقب ذلك لشراء وجبة الغداء مكونةً من بامية باللحمة الضاني، وهي لأربعة أفراد، فوجدت سعر الطماطم ستة جنيهات، والبامية بـ18 جنيهًا، وتبقى معها 31 جنيهًا حاولت أن تشتري بها "لحم ضاني" إلا أنَّها فوجئت بأنَّ سعرها 80 جنيهًا.