م الآخر| مصطفى الصاوي .. وروح بكار!
بكار يعود للشاشة الصغيرة بعد غياب 7 سنوات، خبر عادي قرأته شأني شأن من وقعت أعينهم عليه، كان ذلك منذ شهرين تقريبًا، لم يأخذ الخبر مني أكثر من وقت قراءته، إلا أنه ومُذ أول رمضان لم تغب عني صورة صديقي «مصطفى الصاوي»، الذي نسيته في زحمة مشواري، وسيكون هذا المقال إعتذارًا مكتوبًا مني له ولأهلِه.
إيه العلاقة ما بين الصاوي وبكار، الثنائي جسد واقعًا عِشناه ولانزال، واقع عبثي، ضاعت سدىً فيه دماء «الصاوي» وغيره، ولم نكترث لها، في حين إهتممنا بـ«بكار» وكبرناه، وبقى 3D، بس للأسف بدون روح بكار اللي عرفناه من 7 سنين، بكار اللي شافه جيل كامل من الشهداء، جيل كامل من الشباب الثائر، مات منهم من مات، وسجن منهم من سجن، وهرب من إستطاع للهروب سبيلاً، وجَبُنَ الباقي.
أنا ومصطفى عمرنا واحد، يعني هو دلوقتي 30 سنة تقريبًا، إتعرفت على مصطفى في مسجد «الحصري» بالعجوزة، بداية معرفتي بيه كنت داخل أصلي المغرب في الحصري من 10 سنين تقريبًا، وملحقتش الجماعة الأولى، كان في جنبي شاب لسه مخلص صلاة الجماعة، ناديت عليه وقولتله «تصلي معايا وناخد ثواب الجماعة»، مفكرش وجه وقدمني إمام ليه، إبتديت أصلي، والمغرب صلاة جهرية، وبعد الصلاة قعد معايا الشاب ده وهو مبتسم وإبتدى يفهمني إن قرأتي للقرآن غلط وبدأ يعلمني الصح، الشاب ده كان مصطفى الصاوي.
مصطفى الصاوي كان إمام مسجد الحصري وكان بيحفظ الأطفال فيه كتاب الله، وكان بيعمل ده بدون مقابل، فقط إبتغاء مرضاة الله عرفته من عشر سنين، صاحبته فيهم خمسة، لأنه ميت من خمس سنين تقريبًا، مصطفى كان أول شهيد يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، مصطفى في ناس كتير تاجروا بموته، اللي يقول ده إخوان واللي يقول ده سلفي واللي واللي واللي، مصطفى مكانش ليه في السياسة أصلاً، مصطفى نزل يوم جمعة الغضب لما شاف صور خالد سعيد وقال حرام ده مايرضيش ربنا.
مصطفى اللي لما كنت باتكلم معاه في السياسة كان بيقولي ربنا يصلح حال البلد، نزلنا أنا وهو الميدان صلينا الجمعة يوم 28 يناير 2011 وطلعنا ع كوبري قصر النيل علشان يموت إبن الصاوي هناك الساعة 2:18 دقيقة على إيدي، مصطفى مات بيضحك وهو بيقول الشهادة.
مش مصطفى لوحده اللي مات علشان رفض الظلم، في جيل كامل مات قبل ما يشوف بكار وهو كبير، الرجالة اللي من لحم ودم ماتت، والرسمة كبرت ووضحت وملامحها بانت وبتجيب فلوس كتير، أنا مش ضد بكار، أنا ضد التغييب، ونسيان أنضف من وطئت أرجُلِهِم ثرى هذا الوطن.