فضيحة التعذيب بسجن "رومية" تفتح ملف حقوق السجناء في لبنان
أعلن وزير العدل اللبناني أشرف ريفي، توقيف 5 من عناصر أمن سجن "رومية" أكبر سجون البلاد، على خلفية تورطهم في تعنيف عدد من الموقوفين لفظيا وجسديا بطريقة وحشية، وفق ما كشفته مقاطع فيديو مسربة.
وقال "ريفي" في مؤتمر صحفي، إن ما نشر بشأن تعذيب المساجين في سجن رومية "جريمة في حق الوطنية والإنسانية"، مشيرا إلى أن هذه الجريمة لا يمكن أن تمر من دون عقاب وتم توقيف اثنين من الفاعلين، وتعهد بمتابعة التحقيقات حتى النهاية.
ومن جانبه أعلن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، في بيان له اليوم، أن مقاطع الفيديو صورت في مرحلة مواجهة التمرد الأخير في سجن رومية، مضيفا أن الوزارة ستتخذ الإجراءات اللازمة بحق العسكريين ولن نسمح تحت أي ظرف بتعنيف السجناء.
وكانت مقاطع فيديو انتشرت تظهر عمليات تعذيب همجية، إذ يضرب السجانون السجناء بالعصي، مع توجيه الإهانات والشتائم للسجناء ولمعتقداتهم الدينية، وأدى ظهور هذه المقاطع إلى انتشار موجة من الغضب الشديد بين اللبنانيين، خاصة بعد تعرف الأهالي إلى أبنائهم المعتقلين، كما حاول بعض اللبنانيون إنكار الفيديوهات فور ظهورها، والقول إنها "مفبركة" وغير حقيقية، أو لم تحدث في لبنان رغم أنها باللهجة اللبنانية.
وتظهر مقاطع الفيديو السجناء في هذه المقاطع وهم جاثون على ركبهم، شبة عراة وأيديهم موثقة إلى الخلف بينما يقوم السجان بضربهم بعصا غليظة بطريقة وحشية، بالإضافة لاستفزازهم لفظياً ووضع العصا في أماكن حساسة.
وشهد سجن رومية في الفترات السابقة عدة مواجهات في ما يعرف بـ (المبنى – د) من السجن، بين السجناء وإدارة السجن، والقسم (د) هو القسم الذي يضم الموقوفين "الإسلاميين" كما تسميهم وسائل الإعلام اللبنانية.
من جهة أخرى، اعتبر النائب اللبناني سمير الجسر، في بيان له، أن ما تناقلته وسائل الاتصال عن تعذيب لموقوفين في سجن رومية "أمر مرفوض ومدان"، لما فيه من هدر للكرامة الإنسانية، ويجب أن لا يمر من دون حساب، وأن الموقوف أو المحكوم لا يفقد حقوقه الإنسانية وحق الحفاظ على كرامته مهما كانت عقوبته أو الجرم المنسوب إليه.
ومن جانبه اعتبر المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء جميل السيد، أنه لا يحق لوزير العدل الحالي أشرف ريفي، أن يزايد على وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، في قضية فيديو التعذيب الذي مارسه بعض عناصر فرع المعلومات في الأمن الداخلي على بعض المساجين في سجن رومية.
كما أصدر المكتب السياسي في "حزب الاتحاد" اللبناني بيانا، علق فيه على الأشرطة المسجلة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عن تعذيب مساجين داخل سجن رومية.
وفي سياق متصل تابع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، ما تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من تعذيب المساجين خلال اتصاله مع وزير الداخلية نهاد المشنوق، ووزير العدل أشرف ريفي، وأطلع منهما على الإجراءات التي ستتخذ من معاقبة كل من يظهره التحقيق في هذا الإطار.
وأكد أن ما شوهد من تعذيب للسجناء هو أمر مخالف للقوانين وللقيم والمبادئ الإنسانية وينبغي أخذ كافة الإجراءات الصارمة بحق من قام بتلك الأفعال للحيلولة دون تكرر هذه الأعمال التي تسيئ إلى سمعة لبنان وإلى دولة القانون والمؤسسات، وليقتص القضاء ممن ارتكب هذه الأعمال التي لا تمت إلى الإنسانية بصلة.
ورأى أن التمرد والاحتجاجات التي شهدها سجن "رومية"، هي نتاج الممارسات اللاإنسانية التي يتم التعامل بها من قبل المولجين بإدارة السجون، مع الموقوفين والمحكومين ومنهم المساجين الإسلاميين، وهذا أمر غير مقبول بكل المقاييس الإنسانية والدينية.
ويعد سجن "رومية" هو أكبر السجون اللبنانية ويقع شرق العاصمة بيروت، حيث بني في أواخر ستينات القرن العشرين، ليفتتح عام 1970.
وتبلغ طاقة السجن الاستيعابة 1500 سجينا إلا أن هذا العدد تضاعف فقد بلغ عددهم أكثر من 5500 سجين عام 2008، وكان يقيم بهذا 4 من كبار الضباط الموقوفين على ذمة التحقيق في اغتيال خرجوا ببراءة سنة 2009 رفيق الحريري في فبراير 2005، وعناصر من منظمة فتح الإسلام، وشهد سجن رومية تمردا عام 1998 وآخر تمرد جرى في أبريل 2008.