«فساد فيفا»: ملياردير قطر عقد صفقة غاز مع روسيا.. وابنته دفعت الرشاوى
كيف يمكن لدولة صغيرة ليس لديها أى تاريخ رياضى أن تحصل على تنظيم أكبر بطولة دولية لكرة القدم فى العالم؟ الأمر بسيط.. ولكن حين تتعلق المسألة بالأموال التى تمتلك قطر منها كميات لا تنتهى، بفضل مخزون الغاز الهائل لديها، الذى مكنها من أن تصبح من أغنى الدول الخليجية، الدولة التى يفضل البعض أن يطلق عليها «الدولة القزم»، استطاعت أن تجذب أنظار العالم إليها بسهولة، ليس بسبب إنجازاتها العظيمة وإنما بسبب الاتهامات بالفساد ودفع الرشاوى فى سبيل الوصول إلى غاياتها، الحلقة الأخيرة من سلسلة الاتهامات الموجهة إلى الدولة الصغيرة، كانت تلك التى تتعلق بحصولها على حق تنظيم بطولة كأس العالم لعام 2022، حيث إن العرض الذى قدمته قطر لاستضافة البطولة لم يكن على قدر العرض الأمريكى بكل تأكيد، ولا حتى العرض النيوزيلندى الذى كان يعد ثانى أفضل العروض المقدمة لاستضافة البطولة، ورغم ذلك استطاعت «الدوحة» الحصول على حق تنظيم البطولة، وهو ما أثار الشبهات حول استخدام الأموال والرشاوى واستغلال العلاقات الهائلة التى تمتلكها «الدوحة» للحصول على حق تنظيم «كأس العالم».
رغم أن الاتهامات بدفع الرشاوى تراجعت بعض الشىء فى الفترة ما بين 2011 و2013، عادت الاتهامات من جديد بسبب سقوط قتلى فى أوساط العاملين فى إنشاءات كأس العالم فى قطر، ولم تعد الاتهامات تقتصر على دفع الرشاوى والفساد فقط، وإنما وصلت إلى اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق العمال وعدم توفير ظروف عمل ملائمة للعمال القادمين من دول آسيا الفقيرة.
أحدث حلقات الكشف عن سلسلة الفضائح التى تطال قطر فى السنوات الأخيرة، هى كتاب «اللعبة القبيحة.. مخطط قطر لشراء كأس العالم» للكاتبين الإنجليزيين بجريدة «صنداى تايمز» البريطانية، هايدى بليك وجوناثان كالفيرت، حيث أعدا تحقيقاً استقصائياً استغرق شهوراً كاملة للوصول إلى حقيقة الصفقة التى تمت بين قطر وقادة الاتحاد الدولى لكرة القدم «فيفا»، لضمان التصويت لصالح «الدوحة»، فى التصويت الذى انتهى بفوز قطر بـ6 أصوات زائدة على عدد الأصوات التى حصل عليها العرض الأمريكى.
دخل «بن همام» المرحلة الثانية من مساعيه بمحاولة بناء علاقات طيبة مع الفريق الروسى الذى يتولى مهمة الترويج لعرض «موسكو» لاستضافة كأس العالم، ولكنه كان يدرك أن توطيد العلاقات مع روسيا لم يكن يعتمد فقط على المجال الكروى، وكان لا بد من استغلال العلاقات الاقتصادية والمصالح المشتركة أيضاً، حيث إن روسيا وقطر هما أكبر مصدرين للغاز فى العالم، وكان لديهما الكثير من المصالح المشتركة التى يمكن من خلالها بناء تحالف قوى. ولأن التصويت يتم بشكل سرى فى «فيفا»، فإنه كان يمكن لـ«بن همام» عقد عدة صفقات للحصول على الأصوات المختلفة فى مقابل الوعود بمنح صوته وصوت حلفائه لأى منهم.
وحاول الملياردير القطرى أيضاً بناء علاقات مع إسبانيا لدعم العرض الإسبانى البرتغالى المشترك للحصول على تنظيم كأس العالم 2018، فى مقابل الحصول على أصواتهم لصالح بلاده فى كأس العالم 2022، بينما منح رئيس الاتحاد الأردنى لكرة القدم حوالى 50 ألف دولار من خلال الحساب الخاص بابنته، بينما حصل رئيس اتحاد طاجيكستان على نفس المبلغ، إضافة إلى رئيس الاتحاد النيبالى لكرة القدم حصل على 115 ألف يورو فى حسابين منفصلين فى صيف 2015.
بعد أن ضمن «بن همام» أن تتخطى بلاده المرحلة الأولى من التصويت، اجتمع برؤساء اتحادات الدول الآسيوية الثلاثة التى تقدمت بعروض لاستضافة كأس العالم، وطالبهم بضرورة بقاء القارة الآسيوية موحدة من خلال إعطاء ضمانات بالتصويت الجماعى لصالح الدولة الآسيوية التى ستدخل المرحلة الثانية من التصويت، بمعنى أنه فى حال فشل قطر، فإن صوته يذهب للدولة الأخرى، بينما إذا نجحت قطر يحصل هو على الصوتين الآخرين، وهو كان يدرك بالفعل أن بلاده ستدخل المرحلة الثانية من التصويت من خلال الأصوات التى استطاع تأمينها للتصويت لصالح بلاده.