"جواز سفر دولة فلسطين" يعيد الأمل القبطي بـ"التقديس" في كنيسة القيامة
صدر مؤخرًا، أول جواز سفر مكتوب على غلافه "دولة فلسطين" باللغة العربية في الأعلى، وبالإنجليزية في الأسفل، يتوسطه شعار السلطة "النسر" منقوش داخله عبارة "السلطة الفلسطينية"، ما اعتبره البعض مؤشرًا قويًا أن الفلسطينيين ذاهبون نحو إقامة دولة فعلية، بعد اعتراف أكثر من 138 دولة بهذا الحق.
ويعد هذا التطور الكبير في القضية الفلسطينية، محط تساؤل المهتمين بهذا الشأن، وأيضًا المتضررين منه، ومنهم الأقباط الأرثوذكس، المحرومون من حق الحصول على لقب "مقدس"، والاستمتاع الروحي بطقوس "التقديس" في كنيسة القيامة، بعد قرار المجمع المقدس الصادر في 26 مارس 1980، بعدم التصريح لرعايا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالسفر إلى القدس، في موسم الزيارة أثناء البصخة المقدسة وعيد القيامة.
كان البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، جدد بعد توليه المنصب الباباوي الرفض، طالما بقيت المدينة تحت الاحتلال الإسرائيلي، لأن السفر للقدس يستلزم الحصول على تأشيرات إسرائيلية، ما تعتبره الكنيسة تطبيعا مع العدو الصهيوني، حسب بيان سابق للكنيسة.
كما تفرض الكنيسة عقوبة الحرمان من سر "التناول"، وهو من الطقوس المسيحية الهامة، ما يعد أقصى العقوبات في الدين المسيحي، إلا أن كل هذا لم يمنع بعض الأقباط من السفر للقدس رغبة في أداء الطقوس الروحية مع مسيحي العالم في صلوات "البضحة المقدسة"، وعيد القيامة المجيد، كما منع أيضًا البعض من القادرين من السفر أخدًا بالمبدأ الكنسي الأساسي "ابن الطاعة تحل عليه البركة.
قال فادي يوسف منسق ائتلاف "أقباط مصر"، "حال وجود جواز سفر فلسطيني، وسيطرة فلسطينية على القدس من الممكن إعادة فتح الملف مرة أخرى"، مشيرًا إلى أن مشكلة الكنيسة التطبيع مع إسرائيل، وربما على جانب السفر تكون تلك النقطة جيدة في زيارة القدس لكن على الجانب الروحي، فهو شأن كنسي خالص، يسأل فيه البابا.
وأضاف يوسف، من المؤيدين لقرار البابا، في تصريحات لـ"الوطن"، أن صدور جواز سفر فلسطيني يفتح الطريق لإعادة مناقشة الأمر داخل الكنيسة، مؤكدًا رغبته في أن يخضع جميع الأقباط، للموقف الوطني الذي أسسه مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث، واستمر عليه البابا تواضروس، بعدم السماح بزيارة القدس تحت السلطة الإسرائيلية.
فيما قال الدكتور كمال زاخر المفكر القبطي، إن صدور جواز سفر يحمل اسم "دولة فلسطين"، خطوة مهمة بغض النظر عن موقف الكنيسة من السفر للقدس، لأنه يعني أن فلسطين بدأت في طريقها للاعتراف بها دوليًا، ما يترتب عليه الكثير من المواقف الدولية.
وأشار زاخر، في ما يخص قرار الكنيسة، في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، إلى أن رفض السفر لأداء طقوس "التقديس" في كنيسة القيامة في القدس، يحتاج مواجهة ومراجعة بغض النظر عن الوضع السياسي، حيث إن قرارات مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث، لا تصلح كمصدر للتشريع، فنظام الكنيسة في التشريع يتجاوز الفرد، ويحتاج لمجمع مقدس كامل، ما لم يحدث بشأن تمديد القرار في عهد البابا تواضروس، حد تعبيره.
وأكد زاخر، أن الكنيسة مؤسسة روحية واجتماعية، وليس من شأنها اتخاذ قرارات تمس الوضع السياسي، مشددا على ضرورة مراجعة القرار بعيدًا عن العواطف.
على صعيد آخر، قالت روحية جرجس، (54 عامًا)، إنها تتمنى لو أعادت الكنيسة النظر في القضية، لأنها ترغب حقًا في زيارة كنيسة القيامة بمباركة البابا، ودون الإخلال بمبدأ "الطاعة".
وأكدت جرجس، لـ"الوطن"، أن بغض النظر عن ما يعنيه جواز السفر الفلسطيني فهو أمر جيد بالنسبة للقضية بشكل عام، ما يمثل أمل في زيارة الأرض اللي عاش فيها المسيح.
قالت سميرة عاطف، (51 عامًا)، "سافرت مع زوجي للقدس، لأداء الطقوس الروحية في عيد القيامة 2013، وكانت رحلة كلها بركة، وبهجة، وراحة بال"، مؤكدة أنها تتمنى لو تكرر سفرها في كل عيد لمشاهدة "النور المقدس" و"الصلاة عند قبر المسيح".
وأوضحت سميرة، لـ"الوطن"، أنها عندما عادت لم تُحرم من "التناول"، وكانت مواظبة على الذهاب للكنيسة وحضور القداسات والصلاة، مشيرة إلى أن هناك بعض الكهنة يشددون في هذا الأمر، ويحرمون "المقدسين" من التناول، ما يجعل إجازة الأمر من الكنيسة أمرًا مرغوبًا.