شاهدناه فى (تونس) يتظاهر مع الغاضبين فى بداية ما سموه بـ«الربيع العربى» فى ٢٠١١ والتقط معهم الصور وهو مُبتسم وسعيد.. شهور قليلة حتى شاهدناه يقف على أطلال بيت العزيزية -الذى كان يُقيم فيه مُعمر القذافى- فى (ليبيا) بعد أن قامت قوات حلف الناتو بقصفه بـ(٢٢) صاروخاً.
وكالعادة التقط الصور وهو مُبتسم وسعيد وظل فى ليبيا يلتقى بالقبائل والعشائر ويتردّد على كبار المسئولين والتُقِطت له صور وهو يسير مع ساركوزى -الرئيس الفرنسى وقتها- فى شوارع طرابلس.. مرّت شهور قليلة حتى كان وسط المتظاهرين فى ميدان التحرير بـ(مصر) والتقى بعدد كبير من النشطاء.. كانت صُوره تملأ صحف (العراق) بعد أن التقى ببعض المسئولين وحدثت أزمة كبرى بعد أن التقى بقيادات من (الأكراد) والتقط كعادته صوراً كثيرة معهم.
فى (سوريا) ذهب هناك وتوالت لقاءاته مع أقطاب المعارضة والمسلحين فى حلب وحمص ودير الزور ودرعا والرقة.. وكأنه عاشق للترحال والسفارى، فوجدناه فى (اليمن)، وتحديداً فى صعدة وتعز ومأرب والتقى بمواطنين ومسئولين وارتدى الملابس اليمنية.. ظهور خاص له فى الخرطوم وبورسودان ودارفور وتحركات مُريبة له فى (السودان)، وطبعاً يلتقط الصور مع المواطنين والمسئولين.. إنه «برنارد ليفى»، الفيلسوف الفرنسى الشهير الذى عُرِف عنه أنه (عراب الخراب) وصانع الفوضى والفيلسوف المُخرّب وعراب الفوضى الخلاقة والربيع العربى، والذى ارتبط اسمه بالدمار فى الدول العربية، التى شهدت تظاهرات وتغيّرات وضاعت وشُرد شعبها.
«برنارد ليفى» كأنه (زيبق) يظهر ويختفى فى مناطق شديدة الخطورة ومناطق تشهد صراعات ومشاحنات، وجوده فى المكان كفيل بصُنع مواجهات بين المتظاهرين والحكومات، لا أحد يعرف هل هو (فيلسوف) أم (إعلامى) أم (أكاديمى) أم (سياسى) على وجه الدقة، لكننا جميعاً نعلم أنه وثيق الصلة بالموساد الإسرائيلى، أو هكذا يقول عن نفسه.
لكن السؤال الذى يطرح نفسه: لماذا الحديث عن «برنارد ليفى» الآن وهو الذى اختفى منذ أن أُجهض الربيع العربى على يد الشعب المصرى وانتهى -دون رجعة- منذ أن نجحت (ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣)، ولم يعُد أحد يسأل عنه وعن أخباره وعن سفرياته وخططه القادمة؟
والإجابة ببساطة تتلخص فى القصة التالية: أمس الأول كانت مجموعة كبيرة من أهالى الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس يتظاهرون فى (شارع كابلان) -أشهر شوارع تل أبيب- وهو الشارع الذى شهد تظاهرات عِدّة ضد بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى، فى سبتمبر ٢٠٢٣، اعتراضاً على تدخّله فى السلطة القضائية، كانت تظاهرات حاشدة.
وشارك فيها ما لا يقل عن (٥٠) ألف مُتظاهر -حسب وسائل إعلام إسرائيلية- ردّدوا هتافات ضد «نتنياهو» شخصياً وطالبوا بحل الحكومة وانتخابات مبكرة، البعض تساءل عن أسباب زيادة كثافة المشاركة فى هذه التظاهرة تحديداً، وتم الكشف عن أن السبب الرئيسى هو مشاركة الفيلسوف اليهودى الفرنسى برنارد ليفى فى التظاهرات، بعد أن حضر المؤتمر الصحفى الذى نظمته عائلات الأسرى.
برنارد ليفى قال: لا بد من رحيل حكومة نتنياهو وإتمام صفقة تبادل الأسرى فوراً، والحكومة مُلزمة بذلك حفاظاً على حياة الأسرى.. والبعض ربط بين كونه عراب الخراب فى الشرق الأوسط منذ ٢٠١١ وحتى ٢٠١٣ ووجوده فى مظاهرات تل أبيب ضد نتنياهو، فهل ستشهد إسرائيل فوضى خلاقة واضطرابات داخلية وحالة عدم استقرار تبدأ برحيل حكومة نتنياهو وبدء التناحر بين المعارضة والمتشدّدين حلفاء نتنياهو؟