الخطوط الإرشادية للجمعية الأمريكية.. ثورة فى علاج الكوليسترول
أحدثت الخطوط الإرشادية الأمريكية الجديدة، التى نشرتها الجمعية الأمريكية لأمراض القلب، ثورة فى علاج الكوليسترول، بعد أن حددت أربع مجموعات لا بد أن تتناول أدوية تخفيض الكوليسترول بأعلى جرعة ممكنة، وحددت بعقارين إما الأدورفاستاتين من ٤٠ إلى ٨٠ ملج، أو الرزوفاستاتين من ٢٠ إلى ٤٠ ملج، ومنها مجموعات لا تحتاج لإجراء تحاليل قبل العلاج أو للمتابعة.
وفى إحصائيات قامت بها الصحف الأمريكية، ونشرت بصحيفة «نيويورك تايمز» عقب ذلك، أوضحت أن قوانين علاج الكوليسترول الجديدة ستجعل ٤٤٪ من الرجال الأمريكان فوق سن ٤٠ عاماً، و22٪ من النساء الأمريكيات فوق سن ٥٠ عاماً، يحتاجون لمخفضات الكوليسترول بجرعات مرتفعة. وبناء عليه فإن ٣٣٪ تقريباً من الأمريكيين سوف يحتاجون مخفضات الكوليسترول، ما سيجعل وصف أدوية من أنواع «استاتين»، خاصة الأدورفاستاتين والرزوفاستاتين، يتضاعف عشرات المرات.
ويقول الدكتور هانى راجى، استشارى أمراض القلب بمعهد القلب، إن الخطوط الإرشادية للجمعية الأمريكية للقلب شهدت تعديلاً جذرياً أخيراً، فقد تم إجراء طريقة حسابية جديدة لتحديد عوامل الخطورة للإصابة بأمراض القلب أو جلطات المخ المتوقعة خلال ١٠ سنوات تالية من عمر المريض. فإذا كانت نسبة الخطورة أكثر من ٧٫٥ ٪ كما هو الحال فى المريض المدخن والمصاب بالسكر والضغط، الذى يتجاوز عمره ٦٠ عاماً، فيتم التدخل علاجياً لتخفيض معدل الكوليسترول بشكل مكثف بإعطائه جرعات مرتفعة من الأدوية حتى إذا كان معدل الكوليسترول لديه عند النسب الطبيعية، بهدف خفض الكوليسترول الضار إلى ٥٠٪ من الرقم الظاهر بالتحليل، حيث أصبح العامل الذى يقيم على أساسه الحالة هو عوامل الخطورة من أمراض تصلب الشرايين، فقد تم اكتشاف أن مخفضات الكوليسترول من مجموعة «استاتين» قد تقى المرضى الذين لديهم مستوى كوليسترول طبيعى، لكن لديهم عوامل خطورة متعددة، وقد تم توجيه تحذير للأطباء بمنع وصف المكملات الغذائية لتخفيض الدهون مثل الفيبرات وأحماض النيكوتين وزيوت السمك التى لم يثبت علمياً أنها تقى المريض من حدوث جلطات بل هى مخفضات للكوليسترول وبعضها ضار.
وأضاف أن الخطوط الإرشادية الأمريكية، التى نشرت ديسمبر ٢٠١٤، حددت أن هناك أربع مجموعات لا بد أن تأخذ أدوية الكوليسترول بأعلى جرعة ممكنة، مشيراً إلى أن أول مجموعة هم المصابون بنوع من أنواع تصلب الشرايين مثل من أصيبوا بجلطة بالقلب أو المخ أو من أصيب بذبحة صدرية، أو أجرى جراحة قلب، أو شرايين تاجية، أو من وضع له دعامة بالقلب، وهؤلاء لا بد أن يأخذوا أعلى جرعة ممكنة من أدوية الكوليسترول، دون تحليل، وإن كان نتاج تحاليل الكوليسترول لديهم طبيعية، ودون المتابعة أو التحاليل ودون إجراء تحاليل لوظائف الكبد للمتابعة بعد إجراء هذا التحليل مرة واحدة قبل العلاج، للتأكد من عمل الكبد بكفاءة، ولا يجب إجراء التحليل مرة ثانية، إلا إذا ظهرت علامات تدل على وجود مشاكل بالكبد وهى نادرة جداً، كما توصى الجمعية بعدم إجراء التحليل توفيراً للمال والجهد.
المجموعة الثانية وهم الأشخاص الأصحاء، ولديهم كوليسترول منخفض الكثافة «أعلى من ١٩٠»، هذه المجموعة ما دامت أعمارهم فوق ٢١ عاماً، فيجب أن يتناولوا أعلى جرعة ممكنة دون متابعة ومدى الحياة، لأنه تم اكتشاف أن هؤلاء الأشخاص فرصة إصابتهم بأمراض تصلب الشرايين كبيرة جداً فوجدوا أنهم يبدأون بالعلاج مبكراً حتى يمنعوا إصابتهم بالأمراض القلبية، خصوصاً أن هذه الأدوية خطورتها منخفضة جداً. والمجموعة الثالثة تشمل جميع مرضى السكر من النوع الثانى بمن فيهم من تشير تحاليله إلى أن الكوليسترول لديه طبيعى أو منخفض، فلا بد أن يأخذ أدوية الكوليسترول من الجرعة الوسطى إلى أعلى جرعة حسب عوامل الخطورة لديه.
أما المجموعة الرابعة فهم من يتم حساب عوامل الخطورة لديهم عن طريق إدخال معلومات عن الحالة الصحية للمريض عى آلة حاسبة، وما إذا كان مدخناً من عدمه، ومصاباً بمرض الضغط أم لا، وهذه الآلة تتنبأ بحدوث فرصة تصلب الشرايين وجلطات القلب خلال ١٠ سنوات تالية، ومن تشير نتائج حساباته إلى أن نسب الخطورة لديه فوق ٧٫٥ ٪، فهذا يعنى أن لديه فرصة كبيرة لحدوث أمراض الشرايين التاجية وهذه المجموعة يوصف لها علاج متوسط أو بجرعات عالية من أدوية الكوليسترول.
من جانبه، يوضح الدكتور حسام قنديل، أستاذ الأمراض القلبية بكلية الطب جامعة القاهرة، أن هذه الإرشادات تصلح للأشخاص الذين يكون لديهم عوامل خطورة، ولا بد أن يتناولوا دواء «استاتين» بجرعات عالية أو متوسطة، وهو ما أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه ما يحمى الشرايين، وتقسيم الخطوط الإرشادية للمجموعات الأربعة قام بتبسيط العلاج، وتعريف الأشخاص الذين ليس لديهم شكوى، والمعرضين لمشاكل بالشرايين والأزمات القلبية، والخطوط الإرشادية إذا طبقت ستحمى كثيراً من المرضى المصابين من ارتفاع الكوليسترول، وهذا الدواء آمن ويغير جودة حياة المريض، ويعطى بجرعات عالية للمرضى الذين لديهم نسب خطورة عالية وجرعات متوسطة لكبار السن فوق ٧٥ عاماً، وبعض مرضى السكر، الذين لم يصابوا بجلطات من قبل، بينما من أصيبوا بجلطات يأخذون الجرعات العالية.
وعلى صعيد آخر، يقول الدكتور إيهاب عطية، أستاذ الأمراض القلبية بكلية الطب جامعة عين شمس، إن تحليل الكوليسترول منخفض الكثافة هو ما نحدد على أساسه العلاج، وليس الكوليسترول الكلى، فكل المجتمعات متفقة على أنه لا بد من تخفيض معدل الكوليسترول منخفض الكثافة قدر المستطاع، ويمكن استخدام الإرشادات الأوروبية وهى ما تظهر أنه لا بد من تخفيضه إلى أقل من ٧٠ للأشخاص المصابين بأمراض القلب أو تصلب الشرايين الطرفية، وهناك دراسة جديدة تشير إلى أنه فى حالة انخفاض القراءات إلى أقل من ٦٠ ستكون الفائدة أكثر للمريض، والأشخاص الذين لديهم ارتفاع وراثى فى الكوليسترول الإرشادات الجديدة تنصح بعلاجهم فى سن ٢١ عاماً قبل أن تتأثر شراينهم وتصاب بالتصلب.
هناك أجيال جديدة من الأدوية، مثبطات (bcsk9)، وهى عبارة عن إنزيم ينتجه الجسم يذهب إلى مستقبلات الكوليسترول منخفض الكثافة وهى موجودة فوق سطح الكبد، ووظيفتها استقبال المادة الفعالة للكوليسترول منخفض الكثافة ليتخلص منه الجسم، وكلما زادت هذه المستقبلات وتحسنت قلت نسبة الكوليسترول بالدم، ووجد أن هذا الإنزيم يدمر المستقبلات على سطح الكبد ونفقد هذه المستقبلات وتقل أعدادها فترتفع نسبة الكوليسترول بالدم، لذلك تم التفكير فى أدوية مضادة للإنزيم المدمر للمستقبلات فتم اختراع أدوية من الأجسام المضادة مثل الأدوية الجديدة للسرطان، وهى عبارة عن حقن تحت الجلد كل أسبوعين مع الأدوية التى تحتوى على مادة «الاستاتين» حتى ينخفض الكوليسترول بنسبة كبيرة قد تصل إلى تخفيض الكوليسترول منخفض الكثافة إلى أقل من ٢٥، وهو حل ليس له بديل عند المرضى الذين لديهم الكوليسترول وراثى. هذه الأدوية خفضت عدد الإصابات بالسكتة الدماغية وجلطات القلب ٥٠٪، وليس لها آثار جانبية قوية تمنع استخدامها، وحتى الآن هذه الأدوية تحت الدراسة وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية فى انتظار دراسات تأكيدية لطرح الدواء فى ٢٠١٦ بعد إقرار الـFDA.