رامي المتولي يكتب: «لحظة غضب».. الاختلاف لصناعة التفرد
رامى المتولى
«لحظة غضب» من أكثر الأعمال تميزاً فى موسم رمضان 2024، بوضعه الفريد أولاً كعمل أصلى على منصة Watch It ولا يعرض على شاشات التليفزيون، ثانياً بسبب تصنيفه ككوميديا سوداء وجريمة، وما تحمله هذه النوعية من الأعمال من حس ساخر فى نقد وطرح القضايا الاجتماعية، ربما يرى البعض أنه غير مناسب للعرض فى أهم مواسم الدراما التليفزيونية، نظراً لطبيعته، والشريحة التى يتوجه لها المسلسل من الجمهور.
عرض المسلسل فى الحقيقة خلال الموسم غير اعتيادى، نظراً لكونه متوجهاً لشريحة جمهور من الشباب، وهذه الشريحة ترتبط أكثر بالعرض عبر الإنترنت، مع سمات خاصة بالمسلسلات لها علاقة بالإيقاع السريع، وطريقة الحوار، وهو ما يتوفر فى المسلسل، بالإضافة إلى جودة العناصر الفنية فيه، لذلك عرضه فى الموسم يعد مغامرة، لكنها مغامرة محسوبة، وتعد مساحة للتجديد فى موسم مهم، وفى الوقت ذاته، هى خطوة طبيعية، خاصة مع غزارة الإنتاج وتنوعه، والعمل تحت مظلة وتلبية أذواق الجمهور، حتى لو لم تكن شريحة كبيرة عددياً، ومحاولة لفتح مجالات جديدة فى الأفكار والمساحات، وأيضاً دخول فنانين جدد إلى السوق الاحترافية قادمين من الـOff Season، وأثبتوا موهبتهم وقدراتهم، وفى حالة «لحظة غضب» يكون المخرج عبدالعزيز النجار والمؤلف مهاب طارق ومهندسة الديكور سالى الشامى والطفل آدم النحاس والفنانة اللبنانية ريم خورى التى شاركت من قبل فى عدد من الأعمال اللبنانية، وتشارك هذا العام فى الدراما المصرية.
الأمر لم يأتِ من فراغ، ومن الواضح أنه تخطيط مدروس بدأ منذ فترة طويلة، ونرى ثماره حالياً فى تمازج الخبرات مع المواهب الصاعدة، فإلى جانب الأسماء المذكورة، نرى فى نفس العمل كفريق خبرات مختلفة، محمد شاهين وصبا مبارك وصفوة ومحمد فراج، ومعهم سارة عبدالرحمن وناردين فرج وعلى قاسم، ويعمل الجانبان بشكل متناغم لصالح العمل، وهو ما ظهرت نتائجه مع ختام حلقاته بنهاية النصف الأول من شهر رمضان.
مغامرة اختيار هذا العمل للعرض فى رمضان تستند على نجاح مخرجه ومؤلفه فى أعمال سابقة، وكلاهما يقف وراءه عنصران من أهم العناصر فى هذه النوعية من الأعمال، حيث يعد السيناريو أساساً لهذه النوعية، وجودته هى الفيصل فى جاذبيته، وعلى المخرج أن يستغل السيناريو الجيد ليحوله إلى صورة تخاطب الجمهور، بالإضافة إلى تسكين الشخصيات الجيد، ليكتمل المثلث باختيارات أبطال العمل المناسبة للشخصيات المرسومة فى السيناريو، ودعم حالة التواصل بين الشخصيات والجمهور بالملابس والمظهر العام لها، الذى تم استغلاله ليدعم السياق الدرامى فى المسلسل، كالإشارة إلى طريقة تنسيق يمنى (صبا مبارك) لملابسها، والتى كانت محركاً رئيسياً فى عدد من المواقف، فى مقدمتها مقتل زوجها شريف (محمد فراج).
اهتمام المخرج بالتفاصيل الصغيرة ساهم بدوره فى أداء الممثلين الجيد، حيث أضفى عليهم المظهر الخاص بالشخصيات مصداقية أكبر، تحديداً فى حالة شخصيات مصطفى (محمد شاهين) بشاربه الكث ومهاراته فى التقصى والبحث، والتى لا تتناسب مع وظيفته كمدير لبنك، وفاطمة (سارة عبدالرحمن) بحلقة الأنف ولون الشعر، وآسر (على قاسم) بتصفيفة شعره وملابسه التى تنبئ بتفرد شخصيته وطريقة تفكيره، خلافاً للصورة النمطية عن الأساتذة الأكاديميين.
نجح المسلسل فى تحقيق هدفه، وأضاف لفريق عمله خبرات جديدة وتنوعاً عما قدموه من قبل، وساهم فى تثبيت أقدام الفنانين، والتأكيد على موهبتهم وتمكنهم من العمل فى بيئة تنافسية، وفى موسم هو الأهم فى تحديد خريطة النجوم فى هذه الصناعة.