الدكتور أيمن أبو عمر يكتب.. قادرون باختلاف
د. أيمن أبوعمر
لا شك أن الدين الإسلامى الحنيف نظر إلى الإنسان نظرة احترام وتكريم، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)، وقال سبحانه وتعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).
وإذا كان الإسلام قد اعتنى بالإنسان على عموم إنسانيته، فإنه قد أولى أصحاب القدرات الخاصة من أبناء المجتمع عناية كبيرة ورعاية متميزة، فقد حثّنا الشرع الشريف على الإحسان إليهم، والرّفق بهم، والتلطف معهم، وإدخال السرور عليهم، وإذا كان نبينا، صلى الله عليه وسلم، قال فى ما صح عنه: «أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم»، وقال، عليه الصلاة والسلام، أيضاً: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس»، فما ظنك إذا كان هذا النفع وذلك السرور يُقدّم لمن تتعامل معهم أو تعيش فى جوارهم من أبنائنا وإخواننا من ذوى القدرات الخاصة، فيجعلك الله سبباً فى أن يعيشوا فى أمان وسعادة وثقة وهدوء نفس!
لقد اعتنى النبى، صلى الله عليه وسلم، بذوى القدرات الخاصة عناية بالغة، وأوصى الأمة بهم بوصايا متكررة، وبيّن أن التودّد إليهم والتلطف بهم سبب من أسباب القُرب منه، صلى الله عليه وسلم، وأن وجودهم هبة وعطية من الله عزّ وجل؛ لأنهم سبب من أسباب النصر والبركة والرزق لأهلهم ومحبيهم، بل وللمجتمع كله، ففى الحديث الذى أخرجه أبوداود فى سننه أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «ابغونى الضُّعفاءَ، فإنَّما تُرزَقونَ وتُنصَرونَ بضُعفائِكُم»، أى: تقرَّبوا إلىّ بالإحسان إلى الضعفاء، أو قرِّبوا إلىّ ضعفاءكم.
فإن الله (عز وجل) جعلهم سبباً من أسباب النصر والرزق، قال ابن بطال (رحمه الله) فى شرح هذا الحديث: (وتأويل ذلك: أن عبادة الضعفاء ودعاءهم أشد إخلاصاً وأكثر خشوعاً؛ لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا وزينتها وصفاء ضمائرهم، مما يقطعهم عن الله، فجعلوا همّهم واحداً، فزكت أعمالهم، وأجيب دعاؤهم).
وإن واجبنا الذى أمرنا به ديننا الحنيف نحو ذوى القدرات الخاصة حُسن توظيف واستثمار إمكاناتهم، فإذا كان المجتمع وحدة منتظمة متكاملة متعاونة فإن دور ذوى القدرات الخاصة فيه كبير ومؤثر، ولا شك أن الدول تنجح وتتقدّم بقدر نجاحها فى تأهيل ذوى الهمم ودمجهم فى المجتمع، باعتبارهم ثروة بشرية؛ فقد يكون عند هؤلاء الأبطال قدرات وإرادة هائلة ليست عند كثير من الناس، فإن الله تعالى رفع الناس بعضهم فوق بعض درجات، وفضَّل بعضهم على بعض فى القدرات والإمكانات، يقول سبحانه: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)، ويقول تعالى: (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ).
ومن هذا المنطلق، كان دور الدولة المصرية فى العناية بذوى القدرات الخاصة فى عهد سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى (حفظه الله)، حيث ضمن الدستور المصرى عام 2014م فى بعض مواده تمثيل ذوى الاحتياجات الخاصة داخل أول مجلس برلمانى يتم تشكيله بعد العمل بأحكام الدستور؛ مما يؤكد عناية الدولة ورعايتها لهذه الفئة من أبناء المجتمع، إضافة إلى ما قام به مجلس النواب من إقرار مشروع قانون ذوى الإعاقة، بناءً على توجيهات السيد الرئيس (حفظه الله).
وفى لفتة إنسانية كريمة تفضّل سيادة الرئيس بتدعيم صندوق الرعاية الخاص بذوى القدرات الخاصة بعشرة مليارات جنيه، وكان ذلك ضمن احتفالية «قادرون باختلاف».