أكثر من ربع قرن مرّ على رحيل البطل العراقى الفريق عدنان خير الله. إنه وزير الدفاع العراقى الذى هزم إيران ولم يغزُ الكويت.
أدى واجب الوطن فى هزيمة العدوان الإيرانى على العراق، ولم يخرج عن قيم العروبة والإسلام، حيث استشهد قبل غزو الكويت بعام. لقد رحل وهو يحمل شرف النصر ولا يحمل عار الغزو.
(1) الفريق عدنان خير الله هو ابن خال الرئيس العراقى الأسبق صدام حسين، وشقيق زوجته ساجدة.
إلى جوار القرابة والنسب كان عدنان وصدام صديقين حميمين، ولكن السنوات الأخيرة شهدت توتراً بينهما.. ثم رحل عدنان فى 4 مايو عام 1989.
تخرّج البطل العراقى عدنان خير الله فى الكلية العسكرية دفعة 1961، تدرج فى القوات المسلحة.. وأصبح وزيراً للدفاع عام 1978.
امتلك عدنان خير الله مهارات عسكرية رفيعة، وكان رجل فكر وعلم وقائداً استراتيجياً بارعاً.. وقد حظى بشعبية واسعة داخل الجيش.. وكان فى المجمل أقرب إلى نموذج المشير أبوغزالة.
(2) الفريق عدنان خير الله هو بطل معركة القادسية، حيث تمت هزيمة إيران، وتحرير الفاو.. ودفع طهران للاعتراف بالانكسار، حيث تم وقف إطلاق النار فى 8/8/1988 (أربع ثمانيات).
تسعة أشهر فقط مرّت على انتصار الجيش بقيادة وزير الدفاع القوى عدنان خير الله.. ثم كان الرحيل. لم يكمل عاماً واحداً بعد النصر!
فى 4 مايو عام 1989 أقلع عدنان بالطائرة عند العصر بعد جولة عسكرية من الشمال إلى بغداد.. ثم كان أن تحطمت الطائرة.. وغاب البطل.
(3) ثمة نظريات أربع فى تفسير الحادث الذى كان صادماً للجيش والشعب فى العراق. ثلاث نظريات للمؤامرة ونظرية فى اللامؤامرة.
تقول نظرية اللامؤامرة إن الطقس كان سيئاً للغاية وإنه جرى تحذير الفريق عدنان من الإقلاع بالطائرة، وإنه اضطر للهبوط فى أحد المواقع تحت تأثير سوء الأحوال الجوية، لكنه قرر بعدها الإقلاع من جديد عندما اعتقد أن الطقس بات مستقراً.. فكان الحادث.
وتشير نظريات المؤامرة الثلاث إلى أصابع «إيران» أو «صدام» أو «حسين كامل».. وجميعها تؤكد أن الطقس كان جيداً، وأنه لا صحة لسوء الأحوال الجوية.. ثم إن طائرتين أخريين كانتا مع الطائرة المنكوبة.. لم تتضرر أى منهما من تقلبات الطقس.
(4) تذهب «نظرية إيران» إلى أن طهران عبر أحد عملائها وضعت عبوة ناسفة فى الطائرة للانتقام من البطل المنتصر.
وتشير «نظرية صدام» إلى أن صدام حسين كان وراء حادث الاغتيال.. ذلك أنه كان يغار من شعبية وقوة عدنان، كما أن الإعلام الغربى كان يفرط فى مديح عدنان على حساب صدام والحديث عنه باعتباره البديل الأفضل لحكم العراق. يضاف إلى ذلك ما نُشر حول إلقاء المخابرات العراقية القبض على خلية انقلابية كانت تنوى تنصيب عدنان خير الله حاكماً للبلاد.
(5) لا يوجد ما يؤكد نظرية تورط إيران أو صدام.. لكن النظرية الخاصة بتورط حسين كامل هى الأكثر امتلاكاً للمؤشرات والدلائل.
كان حسين كامل شخصاً تافهاً لا قيمة له، وكان ينبغى أن يبقى تافهاً لا وزن له.. لكنه تمدّد على نحو مذهل.. من «جندى مراسلة» إلى «جندى حراسة» إلى «حراسة الرئيس» إلى «قائد الحرس الجمهورى» إلى «وزير الدفاع» بعد استشهاد البطل.
كان صعود حسين كامل جنونياً.. فمن «لا شىء» إلى «كل شىء».. وقد حاول عدنان خير الله وقف هذا الزحف المخيف من «حارس مغمور» إلى أعلى مؤسسات الدولة.
بعد إعدام عدنان الحمدانى أصبح حسين كامل إلى جانب صدام حسين وعدنان خير الله له حق السحب من أرصدة الجيش السرية فى سويسرا. وأصبح حسين كامل يتدخل فى الجيش بتنفيذ إعدامات بحق ضباط وجنود بحجة الجُبن والتخاذل.
كان البطل عدنان خير الله ورجاله يواجهون العدو الخارجى.. إيران، والعدو الداخلى.. (الطابور الخامس) حسين كامل ورجاله.
كانت إيران تضرب الجيش العراقى، وكان حسين كامل يعدم الجيش فى الوقت نفسه. نجح عدنان خير الله فى صدّ الهجوم الإيرانى، لكنه لم ينجح فى صدّ الطابور الخامس الذى يمثله ذلك التافه حسين كامل.
كان عدنان خير الله يقول: «حسين كامل طفل.. ونحن لسنا بحاجة إلى أطفال فى القوات المسلحة».
لكن الطفل بقى يواصل تخريب الدولة، ويدفع إلى غزو الكويت، ويعمل على تدمير الجيش.. رحل البطل وبقى الطفل!
(6) إننى أدعوكم لنتذكر اليوم -وكل يوم- ذلك البطل العربى الذى هزم إيران ولم يغزُ الكويت.. الفريق عدنان خير الله.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر.