«الوطن» ترصد عودة الروح بعد 600 يوم من التوقف
عادت من جديد حركة قطارات الوجه البحرى بكامل قوتها، وهو ما يمثل حلاً للكثير من مشكلات المواطنين، خاصة الموظفين وطلبة الجامعات، الذى يسافرون كل صباح من أجل العمل أو الدراسة، وكانوا يواجهون مشكلات فى عودتهم، نتيجة توقف كثير من المواعيد المسائية، والتى عادت إلى التشغيل مرة أخرى أمس الأول.
ويقول الرجل الستينى أحمد مصطفى، إن توقف مواعيد القطارات المسائية على طول خط القاهرة-منوف، كان يؤثر على حركة العودة بعد مواعيد العمل، خاصة أنه يعمل فى إحدى الورش بشبرا، وليس له مواعيد ثابتة، ويعود فى مواعيد متأخرة، قائلاً «كانت بتؤثر على حركة رجوعنا، بيكون فيه قطار الصبح..كويس، لكن بالليل دى كانت متوقفة، فكرة إنها ترجع دى هتكون حاجة ميسرة لينا».
ويوضح «أحمد» أن المشكلة الرئيسية فى توقف القطار منذ أكثر من عام ونصف العام، ليست فى التكلفة اليومية فى المواصلات، لكن بصورة كبيرة فى عدم توفير وسيلة نقل سهلة وسريعة، قائلاً «الواحد بيكون راجع من شغله تعبان، مش ناقص دوشة وقلة أدب من سواقين الميكروباص ولاّ الجنان اللى بيشوفه منهم على الطريق فى السرعة».
ويروى «أحمد»، أنه كان يتأخر على عمله فى الصباح، عندما كانت غالبية الخطوط متوقفة، وبعد عودتها، كانت المشكلة فى العودة إلى المنزل نهاية اليوم، ما كان يضطره إلى ركوب المواصلات العادية، وهى تكلفة مضاعفة عليه، فركوب القطار فى الذهاب والعودة لا يتكلف سوى 3 جنيهات، بينما فى حالة المواصلات العادية تكون الأجرة مضاعفة.
ويقول حسام حسن، 27 عاماً، إنه صباح كل يوم يركب القطار المقبل من القناطر إلى رمسيس، لأنه أسرع وأسهل وسيلة مواصلات، خاصة فى حالة الزحام الشديد فى الفترة الصباحية من اليوم.
ويوضح «حسام» الذى يعمل بإحدى الشركات فى وسط القاهرة، إنه قبل أحداث فض اعتصام رابعة منذ ما يقرب من عامين، كان يتوجه إلى محطة قطار رمسيس عند عودته إلى المنزل، لكن بعد توقف حركة القطارات أصبح من الصعب عليه وجود مواصلة سريعة وميسرة، مما يضطره إلى ركوب مواصلات عادية، تكون أكثر تكلفة من القطار، وأكثر خطورة نتيجة تهاون السائقين فى أراوح الناس بسبب ارتفاع السرعة.
ويقول زاهر السيد، الذى لم يكن يعرف بعودة المواعيد المسائية للقطارات مرة أخرى، إنه يستقل القطار المقبل من منوف إلى القاهرة، فهو يعمل بإحدى مكتبات منطقة الفجالة برمسيس منذ عامين، وكانت القطارات تتحرك فى مواعيدها، قائلاً «أنا برجع الساعة 8 ومش بلاقى مواعيد قطارات، وباضطر آخد 3 مواصلات، وطبعاً تكلفتها أعلى».
ويوضح «زاهر»، الذى يسكن فى قرية طنان بالقليوبية، أن توفير القطارات يمثل بالنسبة للناس وسيلة مواصلات أكثر راحة وسرعة فى الوقت نفسه، فضلاً عن التوفير المادى، وهو ما يسهل على الناس توفير الكثير من الوقت سواء فى الذهاب لعملهم فى الصباح أو العودة فى نهاية اليوم. ويقول تامر محمد، أحد سائقى القطارات، على طول خط طنطا-القاهرة، إن توقف حركة القطارات فى المواعيد المسائية، كان يسبب ضرراً مادياً للسائقين، موضحاً أن حساب الراتب يكون على حساب عدد الساعات والكيلومترات التى يعمل خلالها السائق طوال الشهر، فعودة المواعيد المتوقفة مرة أخرى، يعود بالفائدة على السائق. ويقول إنه بالنسبة للمواعيد المتوقفة، كان خط طنطا-القاهرة والعكس، يمثل نسبة 40% من المواعيد المتوقفة، بسبب اضطراب الحالة الأمنية، وتوقف كافة هذه المواعيد كان يؤثر سلبياً على السائقين والسكان المتوجهين إلى القاهرة والعكس، موضحاً أنه فى حال عدم وجود مواعيد يتوجه منها إلى القاهرة، يضطره ذلك إلى انتظار إحدى المواعيد العاملة، لكن كل الخطوط حالياً عادت إلى ما كانت عليه، قائلاً «دلوقتى الناس تقدر ترجع لبيوتها فى أى وقت».
ويقول «تامر»، إن القطار يتحرك من طنطا فى 7 صباحاً ويمر على 40 محطة، أهمها «تلا، شبين الكوم، منوف، والقناطر الخيرية»، وهو ما يساهم فى نقل آلاف المواطنين يومياً إلى أعمالهم وقضاء مصالحهم، لكن فى بعض الأوقات نرى تصرفات طائشة من بعض الشباب، وتهاوناً فى حياة الناس، عن طريق شد فرامل الطوارئ وكأنها لعبة، فيتوقف القطار وتتعطل حركة السير.
وتقول نجوى ألبير، مديرة العلاقات العامة بسكك حديد مصر، إن خطوط السكك الحديدية التى توقفت منذ فض اعتصامى النهضة ورابعة العدوية، تم إعادة تشغيلها بناءً على طلب الركاب، خاصة أن أغلبها يخدم الموظفين والعمال الذين عانوا كثيراً فى التأخير بسبب تعطل هذه القطارات.
أما ريهام حمدى، التى تعمل موظفة فى المجلس المصرى للحق فى السكن، وتأتى يومياً من الشرقية، فتقول إن عملها فى القاهرة جعلها تعتاد على ركوب قطارات السكك الحديدية التى تعتبر أسهل وسائل المواصلات، وإن عودة قطارات الخطوط المتوقفة جاءت بمثابة «رحمة» من المواصلات، حيث إنها تعانى الكثير فى المواصلات بسبب الزحام والتأخير وعملها فى القاهرة ألزمها أن يكون السفر يومياً من الزقازيق إلى القاهرة.
وتضيف أنها على الرغم من السلبيات الكثيرة الموجودة فى قطارات السكك الحديدية، حيث الخدمات المنعدمة والتكييف المعطل دائماً والزجاج المكسور والزحام الشديد داخل عربات القطار، إلا أنها تعتبر الأنسب للوصول فى الميعاد المناسب، حيث الطريق الزراعى الذى تسير عليه السيارات دائماً ما يكون متوقفاً ومزدحماً، حيث إن مدة الطريق من الزقازيق إلى القاهرة بالميكروباصات يصل إلى 3 ساعات أما بالقطارات فتبلغ ساعة واحدة فقط.
وتقول إنها كانت تركب قطار السادسة صباحاً قبل توقفه لكى تصل فى موعدها فى القاهرة وتغادر فى قطار الخامسة عصراً، ولكن بعد أن توقفت هذه الخطوط اضطرت إلى اللجوء للمواصلات والميكروباصات، التى تستغل الركاب وترفع الأجرة بشكل كبير، حيث بلغت الأجرة فى بعض أيام المظاهرات أضعاف الأجرة الأساسية نظراً للإقبال الكبير عليها من الركاب فاستغل السائقون هذا الإقبال الكبير وقاموا برفع الأجرة.
وتؤكد «ريهام» أن عودة خطوط السكك الحديدية بكامل طاقتها وعودة الخطوط المتوقفة، هو فى الأساس حماية للركاب من استغلال السائقين، ومساهمة من هيئة السكك الحديدية فى انتظام العمل فى الهيئات والمصالح، بالإضافة إلى تخفيف الضغط على القطارات الأخرى التى تشهد زحاماً كبيراً.
وتشير «ريهام» إلى ضرورة أن تهتم هيئة السكك الحديدية بالخطوط العائدة إلى الخدمة حتى لا تصلها يد الإهمال كما وصلت الخطوط الأخرى، وأن تعمل على توافر الأمن داخل هذه الخطوط بشكل مكثف، وأن تهتم بنظافة القطارات، وأن تصلح منظومة الدفع والغرامات فى قطارات الخطوط العائدة إلى الخدمة، وأن تعمل على إعطاء الراكب حقه حتى يعطيها حقها.
ويلتقط طرف الحديث منها وائل حمزاوى، موظف بشركة إلكترونيات، قائلاً إنه يسافر يومياً فجراً من منيا القمح إلى القاهرة، وإنه كان معتاداً على أن يركب قطار الخامسة صباحاً ولكن تم إلغاؤه منذ فض اعتصام رابعة، وأنهم تقدموا بالكثير من الطلبات والإغاثات لنائب رئيس الهيئة سيد سالم لكى يتم إعادة القطار لكونه يخدم الكثير من الموظفين والعمال، وتمت الاستجابة لمطلبهم أخيراً وتمت إعادته.
ويتحدث عن قصة معاناته مع المواصلات قائلاً إنه قبل أن يعود القطار الذى يذهب فيه إلى العمل كان يعانى من زحام المواصلات والتأخير بسبب زحام الطرق وعدم تمهيدها. ويضيف أنهم فى طلباتهم المتكررة إلى نائب رئيس الهيئة طالبوه بأن ينطلق قطار كل ساعة من منيا القمح، بدلاً من كل ساعتين نظراً لكثرة عدد العمال والموظفين والطلبة الذين يركبون هذه القطارات فى هذه المواعيد المبكرة.
ويقول «وائل» إنه على الرغم من عودة القطارات التى كانت متوقفة منذ اعتصام رابعة إلا أنه يوجد أيضاً مواعيد قطارات تم إلغاؤها منذ حادثة قليوب ولم تعد. ويشير إلى أن السكك الحديدية تمثل وسيلة نقل الغلابة، وأنها الحسنة الوحيدة الباقية من أيام الاحتلال الإنجليزى حيث إن معظم الخطوط مدت فى عهد الاحتلال، ولكن الدولة لم تقدم لها أى عناية أو اهتمام.
ويقول على سامى، طالب فى كلية الطب جامعة الأزهر، من الزقازيق، إن القطارات العائدة إلى الخدمة بعد انقطاع ستعمل على حل مشكلة لكثير من الطلاب الذين يضطرون أن يركبوا مواصلات لكى يصلوا فى مواعيد محاضراتهم. ويشير إلى أنه كان يفوته يومياً محاضرة أو سيكشن لعدم وجود قطارات واضطراره إلى ركوب المواصلات التى تتأخر عادة. ويتمنى «سامى» أن تعود الخطوط الرئيسية أفضل من الخطوط الأخرى من حيث النظافة والإصلاح والتجديد.