«الكتاتيب».. أصوات ملائكية في ساحات النار بغزة
الأطفال فى كتاتيب أنشأها الأهالى
لم يترك جيش الاحتلال الإسرائيلى فى حربه على قطاع غزة مسجداً قائماً بذاته، حيث استهدفت صواريخه وغاراته جميع القباب والمآذن من شمال المدينة المنكوبة إلى جنوبها، إلاّ أنّ الغزاويين لا يستسلمون، يرون فى إقامة الصلاة وحلقات الذكر خاصة فى شهر رمضان الكريم تعزيزاً لصمودهم، فضلاً عن العبادة وقربهم من الله عز وجل، فعلى مقربة من خيام النازحين فى مدينة رفح، تتوسط الساحة خيمة زرقاء اللون تعلوها لافتة مكتوب عليها «مسجد المخيم»، وأمامها أحذية تبدو من أشكالها أنها لأعمار مختلفة تقصد المكان.
داخل المسجد الذى أنشأه النازحون بجهودهم الفردية يجلس معلم القرآن الكريم، الشاب فايز الشهابى، 23 عاماً، الذى قصد رفح تاركاً منزله الذى لا يعلم مصيره فى مدينة خان يونس جنوبى القطاع، بعدما اشتدت وطأة الغارات والاجتياح البرى للمدينة، ليعلم الأطفال القرآن الكريم وأحكام التجويد وقصص الأنبياء وهدى النبى صلى الله عليه وسلم خلال شهر رمضان، ويقول: «طبعاً قراءة القرآن مهمة فى كل وقت وحين، ولكن تزداد أهميته فى الشهر الكريم، لأن شهر رمضان أنزل فيه القرآن وتضاعف فيه الحسنات وأجر الأعمال الصالحة».
وحول البرنامج الذى يتبعه على مدار شهر رمضان فيتابع: «قمت أنا و3 من زملائى بوضع جدول للقراءة والحفظ، خلال الشهر، بحيث إننا نختم مع الأطفال بالقراءة المجودة، ونشجعهم على التلاوة يومياً وحفظ ما تيسر لهم، والحقيقة تفاجأنا بحجم التجاوب الكبير من الأطفال».
وأضاف: «بعد كل صلاة نقرأ 4 صفحات من القرآن وبهذا المعدل ننتهى من قراءة جزء يومياً»، مشيراً إلى أنّ العشر الأواخر من شهر رمضان ستكون لها ترتيبات خاصة فى الصلاة والقيام وقراءة القرآن.
ويقول: «سنعمل على تخصيص مصلى للسيدات، ولكن الأمر يحتاج إلى ترتيب لتوفير خيمة، لأن النازحين هنا أعدادهم كبيرة ويشغلون تقريباً جميع الشوارع»، لافتاً إلى أنّ مساجد غزة كانت عامرة برجالها وسيداتها وأطفالها طوال شهر الصيام: «أبواب بيوت الله كانت مفتوحة على مدار أيام رمضان وتضج بالحياة، ولكن الاحتلال حرمنا من هذه النعمة التى لم نشعر بها إلاّ عندما فقدناها وأصبحت صعبة المنال».