فى أول زيارة لرئيس مصرى إلى قبرص.. محروقات "المتوسط" تحقق الرخاء
عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، فى العاصمة القبرصية «نيقوسيا»، قمة ثلاثية مع نظيره القبرصى، نيكوس أناستاسيادس، ورئيس وزراء اليونان، أليكسيس تسيبراس.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسى إن القمة ناقشت فتح آفاق جديدة للتعاون بين البلاد الثلاثة فى المجالات الاقتصادية، والتجارية منها، والاستثمارية، وفى مجالات الطاقة، والسياحة، والنقل البحرى، خاصةً فى أعقاب مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى الذى انعقد فى شرم الشيخ، والذى أظهر الحيوية التى يتمتع بها الاقتصاد المصرى والفرص الكامنة للاستثمار فيها، مردفاً: «لقد عكست المشاركة الدولية الواسعة فى المؤتمر الثقة المتزايدة فى إمكانات النهوض الاقتصادى، والاجتماعى لمصر فى الفترة المقبلة، ومن ثم فإننا توافقنا على أن نرتقى بمستوى التعاون بيننا، بما يتناسب مع مستوى العلاقات والتنسيق السياسى القائم بيننا، ولكى توفر دولنا مدخلاً طبيعياً لتعزيز التعاون بين أفريقيا وأوروبا». وبدأ «السيسى» كلمته بالمؤتمر الصحفى المشترك للرؤساء الثلاثة بإبداء سعادته للقائه بالرئيس القبرصى ورئيس الوزراء اليونانى مجدداً على أرض «قبرص الصديقة»، مؤكداً موقف مصر الثابت من القضية القبرصية القائم على حرصها على وحدة الشعب القبرصى بكل طوائفه وسيادة واستقلال وتكامل أراضيه.
وأضاف: «نجتمع مجدداً لخير بلادنا وشعوبنا، متمسكين بقيمنا الأصيلة الراسخة، متطلعين بنظرة عصرية إلى غدٍ آفاقه أكثر رحابة لكل شعوب المنطقة، وأن شعب مصر يتابع باهتمام، اجتماعنا، ولعلكم شعرتم بالمكانة التى تحتلها قبرص واليونان لدى الشعب المصرى، فهى مكانة مكتسبة على مر التاريخ، إلا أنها ازدادت رسوخاً فى نفوس المصريين، تقديراً للمواقف القوية التى اتخذتها الدولتان لمساندة الإرادة الشعبية المصرية الحرة فى 30 يونيو 2013».
وتابع: «فيما يتعلق بشئون منطقتنا المشتركة، فقد توافقت رؤانا حول أهمية توافر الإرادة الجماعية لدحر الإرهاب والقضاء عليه، من خلال رؤية شاملة تشمل كل الأبعاد السياسية والاجتماعية والتنموية، وتأتى مدعومة بجهود المجتمع الدولى لتجفيف منابع الإرهاب، ووقف إمداد الجماعات المتطرّفة بالمال والسلاح، ويؤلمنا جميعاً أن تقوم جماعات التطرّف والإرهاب التى تستقى أفكارها المتطرّفة والعنيفة من مصدر واحد، بارتكاب جرائمها تحت ستار الدين الذى هو منهم براء، ونرى تلك الجرائم البشعة فى صورة مجازر جماعية آثمة، يتم اختيار ضحاياها وفقاً للهوية والديانة».[SecondImage]
وقال نيكوس أناستاسيادس، رئيس جمهورية قبرص، إن زيارة الرئيس السيسى، أول زيارة لرئيس مصرى إلى قبرص منذ عشرات السنين، وهذا اللقاء هو الثانى خلال 3 أشهر، مشيراً إلى أن القضايا القبرصية كانت محور المباحثات مع الرئيس السيسى، ورئيس وزراء اليونان. وأضاف، مخاطباً الرئيس السيسى ورئيس الوزراء اليونانى: «أود أن أعبّر عن امتنان الشعب القبرصى، وامتنانى الشخصى لمواقفكم الملتزمة الثابتة، ونثمّن مواقف مصر واليونان تجاه القضية القبرصية والعمل على حلها، وفقاً للمواثيق الدولية».
وتابع أن اللقاء الذى جمعه بالرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء اليونانى أليكسيس تسيبراس، تطرّق إلى بحث التعاون فى مجال الطاقة، مضيفاً: «أكدنا من جديد أن التفاهم المشترك بيننا، خاصة بعد اكتشاف احتياطات مهمة من المحروقات الكربوهيدراتية فى البحر المتوسط، يعد عاملاً مهماً لتوسيع التعاون الإقليمى، للرخاء والاستقرار فى منطقتنا».
وتابع: «أتيحت لى الفرصة أن أتناقش مع أصدقائى فخامة الرئيس السيسى ومعالى رئيس الوزراء، بالنسبة للتطورات الأخيرة للقضية القبرصية وإصرارى على العمل بكل القوى التى تتاح لى مع درويش إروغلو، زعيم قبرص الشمالية، وبالتعاون مع تركيا للتوصل إلى حل عادل، ولتحقيق التعايش فى القضية القبرصية».
وأصدر «السيسى» ورئيس جمهورية قبرص ورئيس وزراء جمهورية اليونان، إعلان «نيقوسيا»، وقال الإعلان: «إذ ندرك التحديات الكبيرة التى تواجه الاستقرار والأمن والرفاهية فى منطقة شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط والحاجة إلى تنسيق ردود الفعل الجماعية، التقينا فى نيقوسيا فى القمة الثلاثية الثانية، من أجل التصدى بفاعلية لهذه التحديات، ولتوطيد أسس تعاوننا الثلاثى بشكل أقوى، بناءً على التقدّم الكبير الذى تم إحرازه حتى الآن».
وأضاف الإعلان: «فى هذا الصدد، فإننا نجدّد تأكيد الموقف المشترك لبلداننا على النحو المبين فى إعلان القمة الثلاثية بالقاهرة، ويقدم هذا الإطار كنموذج لحوار إقليمى أوسع، بما فى ذلك التنسيق والتعاون فى إطار المحافل متعددة الأطراف، وكذلك من خلال الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبى والعالم العربى، ونحن نعترف بأهمية التعاون الأورو-متوسطى لبلدان المنطقة». وتابع الإعلان: «آفة الإرهاب الدولى تهدد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل وجنوب الصحراء والخليج وأوروبا، ويتطلب هذا التهديد العالمى استجابة شاملة ومنسقة وجماعية من قبَل المجتمع الدولى، ونحن ندين بشدة جميع الأعمال الإرهابية وندعو كل الدول إلى مواجهة هذا الخطر بنشاط وفاعلية، وتكثيف التعاون فى المسائل الأمنية، بغية مكافحة الجماعات المتطرّفة وتقزيم دورها السياسى والمالى».
واتفقت الدول الثلاث على تكثيف التعاون معاً فى مجال مكافحة الإرهاب، والدفاع والأمن، ومناقشة المعلومات ذات الصلة، لمكافحة الإرهاب والتطرّف العنيف، وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار على المدى الطويل. وأكد الإعلان دعمه الجهود المصرية لتسهيل التوافق بين جماعات المعارضة السورية فى ضوء تشجيع التوصل إلى حل سياسى فى الأزمة السورية وفقاً لبيان جنيف. وأعرب الإعلان عن القلق إزاء تدهور الوضع الأمنى فى ليبيا والتهديد الإرهابى المتزايد الذى يؤثر أيضاً على الأمن والاستقرار فى الدول المجاورة. وقال: «نؤيد بقوة تنفيذ استراتيجية مكافحة الإرهاب بالتوازى مع الحوار السياسى والمصالحة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما 2213 و2214، ونعرب عن دعمنا القوى للحكومة الشرعية فى اليمن والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، ونؤكد أن الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات الشاملة دون شروط مسبقة هى السبيل الوحيد للمضى قدماً، ونرحب بالجهود التى يبذلها مجلس التعاون الخليجى لاستكمال مبادرات الأمم المتحدة التى تقودها الأمم المتحدة».
وشدد الإعلان على ضرورة التصدى بحزم لتهديد الجماعات الإرهابية الموجودة فى اليمن المتطرفة. وقال: «يجب على جميع الأطراف أن تكفل حماية المدنيين والسماح بالوصول غير المقيد إلى المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين». وقال الإعلان: «زيادة تدفقات الهجرة تشكل تحدياً كبيراً لبلداننا، ونوافق على تعبئة كل الجهود المتاحة لنا لمنع المزيد من الخسائر فى الأرواح فى البحار، من خلال معالجة الأسباب الجذرية لهذه المأساة الإنسانية التى نواجهها، بالتعاون مع بلدان المنشأ والعبور، ونحن ندرك أن اكتشاف احتياطات مهمة للنفط والغاز فى شرق البحر الأبيض المتوسط يمكن أن تكون بمثابة محفّز للتعاون الإقليمى. ونؤكد أن هذا التعاون سوف يخدم بشكل أفضل من خلال انضمام دول المنطقة إلى المبادئ الراسخة للقانون الدولى».
وأكد الإعلان الطابع العالمى لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وقرر المضى قدماً، على وجه السرعة، فى المفاوضات بشأن تعيين المناطق البحرية لدى الدول الثلاث. ودعا إلى تسوية عادلة وشاملة ودائمة لمشكلة قبرص التى من شأنها توحيد الجزيرة وفقاً للقانون الدولى، بما فى ذلك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة. وقال: «هذه التسوية لن يستفيد منها شعب قبرص فقط، لكن من شأنها أيضاً أن تسهم إلى حد كبير فى تحقيق الاستقرار والسلام فى المنطقة، ونرحب بإمكانية تعزيز استئناف المفاوضات وتنفيذ تدابير بناء الثقة».
وأفاد السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم الرئاسة، بأن الرئيس عقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس القبرصى تلاها اجتماع موسع بحضور وفدى البلدين، حيث شارك من الجانب المصرى كل من المهندس شريف إسماعيل، وزير البترول والثروة المعدنية، وسامح شكرى، وزير الخارجية، وأشرف سالمان، وزير الاستثمار.
وأعرب الرئيس عن تطلع مصر لتعزيز التعاون بين البلدين فى مجال الطاقة، ولا سيما الغاز الطبيعى، وإمكانية استغلال البنية التحتية والصناعية المصرية المؤهلة لاستقبال الغاز، والاستفادة من الخبرة القبرصية فى مجال الطاقة المتجددة، والاستزراع السمكى، ومشروع تنمية محور قناة السويس. وفى سياق متصل، استقبل الرئيس أثناء زيارته لقبرص رئيس الوزراء اليونانى «ألكسيس تسيبراس»، حيث عقدا لقاءً ثنائياً تلاه اجتماع موسع بحضور وفدى البلدين.
ونوه الرئيس خلال اللقاء إلى مستحقات العاملين المصريين التأمينية لدى الحكومة اليونانية، مشيراً إلى أهمية صرفها لهم فى أقرب فرصة ممكنة، وهو الأمر الذى أشار رئيس الوزراء اليونانى إلى أنه سيتابعه مع الوزارات اليونانية المعنية.