«هدى» تتحدى الرجال في مهنة النقاشة: «بقى عندي تيم كامل»
ام اياد النقاشة
داخل حي من أحياء مدينة بدر تعيش «هدى» رفقة زوجها وأبنائها، لكن ترفض أن تكون سيدة منزل فقط، فبرغم أنها في العشرينيات من عمرها فهي ترى أنها جاءت للحياة من أجل شيء أهم، والذي كان من وجهة نظرها هو العمل، فإذا دققت النظر إليها ترى ملامح المرأة العاملة، وسيدة البيت التي تهتم بنفسها، لأنها اختارت مجالا كان حكرًا على الرجال، ومن البيت للعمل تتحول ملامحها من الرقة إلى الجد.
لم تهتم لحديث الناس، الرافض لعملها، وارتدت ملابس مخلوطة بالألوان، وقفت مثل الرجال أو أشد لترسم وتلون أحلامها والحوائط، «هدى» فتاة تحدت العادات والتقاليد حتى أصبحت «أم إياد النقاشة»، تخرج أم إياد من مزلها مرتدية ملابس العمل مع الحجاب، وتمشي وسط الشارع بكل هيبة وتفاخر وكأنها ذات منصب قيادي، لا يشغل بالها سوى عملها كي تحقق الأحلام التي تبنيها.
فعند رؤيتك لها تشغل بالك الكثير من الأسئلة، أهمها كيف تتحمَّل مشقة هذا العمل، تصعد السلم للوصول إلى المناطق العالية في الشقق لتشطيبها لكن هي في مخيلتها تصعد سلم المجد، وتظن أن كل درجة تصعدها هو صعود نحو القمة تنظر من فوقها على كل من قال إنها لا تستطيع بسبب كونها أنثى لكنها قررت أن تتخلى عن الآراء السلبية إذا كانت ستعطلها.
نشأت «هدى» وسط عائلة يمتهن أفرادها مهن عديدة، لكنها وقعت في حب مهنة النقاشة بسبب حبها لأبيها وقررت أن تزيد خبراتها بعد التحاقها بمدرسة الصنائع ودرست الزغرفة كي تحقق حلمها وتصبح مهندسة ديكور لكنها لبت نداء الحب ودخلت عش الوزجية وانشغلت مع الأبناء حتى بدأ حلمها يتلاشى إلى أن علمها زوجها أصول المهنة خوفًا عليها من غدر الزمن قائلًا لها «لازم يبقى معاكي صنعة».
استغلت «هدى» تلك الكلمات كي تحيي حلمها من جديد، وبدأت بالتعلم في شقتها وفي كل مرة كانت تثبت كفاءتها حتى أتيحت لها الفرصة ونزلت مع زوجها للعمل، وهناك أبهرت الجميع بنتائج شغلها ثم بدأت في التفكير للعمل بمفردها بعيد عن الزوج، واجهت سوق العمل بمفردها، واستخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتكوين فريق خاص بها يعمل تحت ملاحظتها وعلى حد وصفها أن الأمر في البداية كان صعبا بسبب تعاملها مع الرجال «كانوا بيسيبوا الشغل ويمشوا عشان أنا ست».
«عايزين نبقى زيك» رسالة مكررة تأتي لأم إياد كل يوم تقريبا حتى اعتادت على قراءتها، لجأت إليها عدد من السيدات يريدن التعلم والعمل معها لكنها بكل حسرة وحزن لا تستطيع الرد عليهم بسبب قلة حيلتها، فعند سؤالها عن أحلامها لم تفكر في حلمها الشخصي بل اقترحت إنشاء مدرسة تتوافر بها الإمكانيات كي تستطيع تخريج فتيات يمكن الاعتماد عليهم في مجالات عديدة.