في كتابه.. «منصور» يبكى فى خطاب الوداع: شكراً للشعب العظيم
أصدرت مكتبة الإسكندرية، كتاب «عدلي منصور رئيساً لمصر» مؤخراً في طبعة فاخرة، تكريماً وعرفاناً للرئيس السابق الذى أدى المهمة الوطنية الملقاة على عاتقه بكل تجرد ونزاهة واقتدار.
ينقسم الكتاب الصادر في نحو 600 صفحة، بالإضافة للمقدمة، إلى عدة فصول منها «عدلى منصور.. السيرة والمسيرة» و«عدلى منصور.. الثورة والتحدى» و«الرئيس فى عام 2013» ثم «الرئيس فى عام 2104»، تليها «كلمة عرفان» كتبها الشاعر فاروق جويدة، ثم مقال بعنوان «الرئيس السادس» للكاتب والإعلامى أحمد المسلمانى، تليها ملاحق تسجل فترة حكم «منصور» بالصور.
ويعد الكتاب سجلاًّ وثائقيًّا مصوراً لأبرز الأحداث واللقاءات التى عقدها عدلى منصور خلال فترة رئاسته، حيث يتضمن النص الكامل لخطابه الأخير؛ «خطاب الوداع»؛ الذى يعتبر وثيقة تاريخية شاملة لكل معانى الوطنية؛ والذى تضمن التحية للشهداء ولشعب مصر الذى نجح فى أولى خطوات البناء بانتخاب رئيس جمهورية جديد.
أجريت فى عهد «منصور» الانتخابات الرئاسية التى أصبح بموجبها الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى قائداً للبلاد. وفى خطاب مؤثر أطلق عليه «خطاب الوداع»، تحدث «منصور» إلى جموع المصريين بعد انتهاء فترة رئاسته المؤقتة، فوضع الرجل النقاط على الحروف، وجمع هموم الشعب المصرى وشواغله آنذاك، فأوعى، ووضع الجميع «فى الصورة».
قال «منصور» فى «خطاب الوداع» باكياً: «أوجه حديثى إليكم اليوم مودعاً.. بعد أن شرفت برئاسة جمهورية مصر العربية ما يناهز العام.. عامٌ من المسئولية الجسيمة.. والأمانة الكبيرة.. لم أكن أتصور يوماً وأنا فى صفوف الجماهير.. وطأة العبء.. وحجم التحديات.. وصعوبة الـمهمة.. أن تكون مسئولاً عن بلد بحجم مصر.. التى كما تتطلب أداءً رئاسياً.. يتناغم مع عظمة تاريخها.. ويتفاعل مع واقع حاضرها.. ويخطط لقادم مستقبلها.. فإنها تفرض أيضاً أن يكون جاداً ودؤوباً.. مخلصاً وأميناً.. يواجه مشكلات الواقع السياسى والاقتصادى والاجتماعى.. ويدبر الموارد اللازمة للتغلب عليها.. ويحشد الطاقات.. التى تعمل على تأمين مستقبل هذا الوطن وأبنائه.
«الإخــوة والأخــوات.. شعب مصر العظــيم.. اسمحوا لى فى البداية.. أن أهنئكم على وعيكم السياسى.. وحسكم الوطنى.. وشعوركم الرفيع بالمسئولية.. لقد أثبتم أنكم أهلٌ لهذا الوطن العظيم.. كما برهنتم أنكم تدركون قدر وخطورة ما يواجهه من تحديات.. تعلمون متى تتحدون.. وتتحد كلمتكم.. مرةً أخرى.. تبهرون الجميع.. شعباً ودولةً.. لقد أنجزتم الانتخابات الرئاسية على الوجه الأكمل.. ويقينى أنكم ستنجزون ما تبقى من استحقاقات خارطة مستقبلنا على ذات النحو المشرف.. لتبدأوا مرحلة البناء المقبلة. إننى كمواطن مصرى فخورٌ بهذا الإنجاز الكبير الذى قمتم به.. فخورٌ بوعى وتصميم وصلابة هذا الوطن وشعبه.. شكراً لكم.. نحن جديرون بهذا الوطن وحضارته.. وإننى لعلى ثقة فى أننا سنستعيد مكانتنا ودورنا الرائد فى مستقبل قريب جداً.. شكراً لشعب مصر العظيم.. على هذه المشاركة الواسعة على الرغم من أن هذا الاستحقاق الانتخابى هو السابع فى سلسلة طويلة من الاستحقاقات الانتخابية.. منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير. وشكراً للدولة المصرية ومؤسساتها التى حافظت على عهدها بالحيادية والبقاء على مسافات متساوية من المرشحين.. شكراً لكل من أسهم فى إنجاح هذا الحدث الوطنى.. شكراً للحكومة التى أسهمت فى خروج هذا الإنجاز المهم بهذا الشكل الرائع.. سواء على المستوى التنظيمى أو الأمنى.
«إن تولى رئاسة مصر.. وحتى بدون الظرف التاريخى الراهن.. مهمةٌ عظيمةٌ.. تستمد عظمتها.. من عظمة هذا البلد.. الرائد فى محيطه الإقليمى على مر العصور.. ملتقى الأديان السماوية.. معبر الأنبياء.. مهد الحضارة.. منبع الفنون.. وبهاء العمارة.. عبقرية المكان.. مركز العالم.. وهمزة الوصل بين قاراته القديمة.. مشعل الحرية فى أفريقيا.. بلد النيل.. وأرض الفيروز.. وقناة السويس.. مصر الأزهر والكنيسة.. مصر العربية والأفريقية والإسلامية والمتوسطية.. درة العالم.. ومحط أنظار الجميع. لقد قبلت بتلك المهمة أداءً للواجب، ولعلكم تعلمون أننى لم أكن أود القيام بها.. إلا أنه من منطلق المسئولية الوطنية.. ووفاءً لما أدين به من أفضال لا تعد لهذا الوطن الغالى.. لبّيت النداء.. وقد تحملت.. مسئوليات صعبةً والتزامات جسيمةً.. وحملت أسرتى.. مخاوف أمنيةً.. وقيوداً اجتماعيةً.. وقد حرصت على أن أكون أميناً فى أدائى للتكليف.. رئيساً لمصر وللمصريين.. كل المصريين.. لا أقبل تدخلاً أو وصايةً من أحد من داخلها أو خارجها.. أستمع للجميع.. وأقيم الشورى.. ثـــم أتخذ القرارات المناسبة.. وأتحمل مسئوليتها أمام الله والوطن.. فلقد حرصت فى كافة هذه الخطوات.. أن أطبق وأُعلى مبدأ الشورى.. وديمقراطية اتخاذ القرار.. فدعوت إلى الحوار المجتمعى.. مع كافة قطاعات الشعب.. وفى مقدمتهم الشباب.. مستقبل الأمة.. قلبها النابض.. ووعيها المتفتح.. وروحها الوثابة.. وذلك سواءٌ فيما يتعلق بأولويات إجراء استحقاقات خارطـة المستقبل.. أو فيما يرتبط بها من قوانين ذات صلة.. تشهد مسوداتها الأولى.. أنها تغيرت وفقاً لإرادة الشعب.. ونزولاً على مقترحاته.. وليس فرضاً لرأى.. أو احتكاراً لسلطة».
وفى 8 يونيو 2014 جرت، لأول مرة فى التاريخ المصرى الحديث منذ ثورة 23 يوليو 1952، مراسم تسليم وتسلم السلطة، فى احتفال تاريخى أقيم بقصر الاتحادية الرئاسى، بحضور زعماء وملوك ورؤساء وحكومات وبرلمانات عربية وعالمية. وشهد حفل التنصيب الذى أقيم بعد أداء الرئيس «السيسى» اليمين الدستورية أمام الهيئة العامة للمحكمة الدستورية العليا، توقيع وثيقة تسليم السلطة بين «منصور» و«السيسى»، بعدما ألقى كل منهما كلمة فى الاحتفال.
وجاء فى وثيقة «تسليم وتسلم السلطة» بين «منصور» و«السيسى»: «بسم الله الرحمن الرحيم.. باسم الشعب.. صاحب السيادة.. ومصدر السلطات.. . ومفجِّر الثورة.. ثورة 25 يناير 2011.. وما حملته من آمال وطموحات وتطلعات، وثورة 30 يونيو 2013 المكملة، التى صوَّبت المسار واستعادت الوطن، وتنفيذاً للاستحقاق الثانى من خارطة مستقبل الشعب المصرى، وبناءً على قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية رقم 36 لعام 2014، بإعلان فوز عبدالفتاح سعيد خليل السيسى فى الانتخابات الرئاسية التى عُقدت خارج البلاد خلال الفترة من 15 إلى 19 مايو 2014، وداخل البلاد فى الفترة من 26 إلى 28 مايو 2014، وعقب أداء اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، تسلَّم الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد السلطة من المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت. حُررت الوثيقة فى العاشر من شعبان 1435، الثامن من يونيو 2014».
وقال «السيسى» فى أول خطاب له من داخل قصر «الاتحادية»، عقب انتهاء المراسم، «إن هذه لحظة تاريخية فريدة وفارقة فى عمر هذا الوطن، فعلى مدار تاريخه الممتد إلى آلاف السنين لم يشهد وطننا تسليماً ديمقراطياً سلمياً للسلطة، فللمرة الأولى يصافح الرئيس المنتخب الرئيس المنتهية ولايته ويوقعان معاً وثيقة تسليم السلطة فى البلاد، فى مناسبة غير مسبوقة وتقليد غير معهود يوثق بداية حقبة تاريخية جديدة من مصير أمتنا وعلى مرأى ومسمع من العالم أجمع وفى مقدمته أشقاؤنا وأصدقاؤنا، من عاونونا بصدق لنجتاز المخاطر ونتغلب على الصعاب ونواجه التحديات، إنَّ رئاسةَ مصر شرف عظيم ومسئولية كبيرة».