د. مصطفى بدرة يكتب: توجّهات استراتيجية
د. مصطفى بدرة
مع بداية عام 2024، الذى يحمل مع دخوله فترة رئاسية جديدة للرئيس عبدالفتاح السيسى، يحلم خلالها المجتمع ببعض من الاستقرار السياسى على المستوى العالمى وحل الكثير من المنازعات والمشكلات العالمية، التى يعتبر لها الأثر الأكبر على خلق الكثير من الصعوبات الاقتصادية العالمية وزيادة التشابك فى الملفات الدولية والاستراتيجية، أصبحت الشغل الشاغل للمجتمع الدولى، بدءاً من الحرب التجارية الصينية - الأمريكية لفرض الهيمنة على مقدرات التجارة العالمية، والحرب الروسية - الأوكرانية، التى تشكل عبئاً على المجتمع الدولى، وبالأخص ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية والحبوب والبترول والغاز، وأخيراً القضية العربية الأولى، وهى الحرب الإسرائيلية على فلسطين، التى أصبح من تداعياتها الاقتصادية أيضاً الاضطرابات فى الملاحة الدولية.
الشق الآخر على المستوى الاقتصادى فى حقيبة الدولة هو أن التأثيرات العالمية أصبحت تأثيراتها واضحة على الملفات الداخلية، ومنها عمليات سلاسل الإمداد للسلع التى تُشكل ارتفاع الأسعار منها على الشأن الداخلى عامل ضغط لمستوى الأسعار المحلية والمقدّر لها أن تستمر لما بعد العام الحالى، حيث تقوم بها الدول الكبرى لعدم التفهم للأضرار التى تلحق بحجم مستويات التضخّم وأسعار الفائدة التى أصبحت من أصعب المعوقات فى الاقتصاد العالمى، سواء للدفع بالاستثمار المباشر وغير المباشر، لذلك أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء «وثيقة تعبّر عن رؤية المرحلة المقبلة فى فترة الرئاسة القادمة 2024 - 2030» لتكون عبارة عن مقترح عن استراتيجية منهجية للحكومة للدفع بالمؤشرات الاقتصادية فى الكثير من القطاعات والأنشطة داخل الدولة، لزيادة مستويات تحسين مستوى المعيشة للشعب المصرى وللقدرات الاقتصادية.
وقام على إعدادها مجموعة من الخبراء والمتخصّصين، وهى عبارة عن عدد من المحاور التى تعيد تشكيل الاقتصاد خلال فترة الـ6 سنوات القادمة، لتتضمن الوثيقة ثمانية توجّهات استراتيجية للمسار الاقتصادى، وهى عبارة عن:
1 - تحقيق معدل نمو اقتصادى يتراوح بين 6% و8% من خلال تعزيز الصادرات والاستثمارات وزيادة التشغيل لتوفير فرص عمل لعدد من 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل خلال الفترة المذكورة.
2 - تبنى سياسات اقتصادية تحقّق الاستقرار السعرى والانضباط المالى ووضع الدين العام فى الفترة القادمة وزيادة المتحصّلات الأجنبية لتصل إلى نحو 300 مليار دولار.
3 - تنفيذ الاستراتيجيات والخطط والبرامج الداعمة لأداء القطاعات الاقتصادية القائدة لنهضة الدولة المصرية.
4 - تعزيز الدعائم الاقتصادية لتنمية تنافسية مستدامة من خلال دعم البحث والتطوير وزيادة الثورة الصناعية والاقتصاد الأخضر.
5 - مواصلة كل المكتسبات المحقّقة على صعيد القطاعات الاجتماعية.
6 - دور رائد لمصر فى الاقتصاد العالمى عبر تفعيل وتعظيم الدور الاقتصادى لقناة السويس وتعزيز دور مصر فى تجارة الترانزيت ومواصلة إبرام شراكات استراتيجية.
7 - تعزيز مشاركة الشباب الركيزة الأساسية للتقدّم على عدد من الأصعدة.
8 - دور فاعل للمصريين بالخارج فى ترسيخ دعائم نهضة الدولة المصرية. وبذلك تكون هذه النقاط الثمانى عبارة عن التزامات منهجية قابلة للبحث من قِبل كل المسئولين فى كيفية تحقيق هذه الرؤية والنهضة التى تحمل آمال الدولة والشعب خلال الفترة القادمة، والذى يقدّر أن يصل إلى أكثر من 120 مليون نسمة فى عام 2030 والعمل على اعتبار معالجة سعر الصرف من قِبل الدولة والأخذ فى الاعتبار تنفيذ اتفاقيات البريكس مع الدول العشرة فى التعامل بالعملات المحلية للتخفيض من استخدام الدولار فى المعاملات الدولية والإسراع فى الانتهاء من المبادرات والتشريعات والقوانين، التى تُيسّر فى دفع القدرات الاستثمارية وتهيئة البيئة الداخلية لتوطين الصناعة، بخلاف فرض الشمول المالى والعمل بالنظم التكنولوجية فى استخدام الفواتير الإلكترونية للحد من السوق السوداء وعدم تحمّل المواطنين أعباء مالية إضافية، فى ظل عدم وضوح الرؤية فى كيفية القضاء على الأسواق السوداء فى المجتمع المصرى، وعدم فرض ضرائب جديدة أو رسوم أخرى لم ولن تعود بالنفع على الأسر المصرية.
وبناء عليه: رؤية الوثيقة تعتبر جزءاً من وثيقة رؤية مصر 2030، التى انطلقت فى فبراير 2016، لتعكس الخطة الاستراتيجية طويلة المدى للدولة، لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة فى كل المجالات والقطاعات، حيث تعكس البعد الاقتصادى والاجتماعى والبيئى. التوصية الآن هى: الأخذ فى الحسبان قدرات الموازنة العامة للدولة والتحديات العالمية، سواء السياسية والاقتصادية، للتنفيذ على أرض الواقع، بما يتناسب مع الإمكانيات المالية والفنية للدولة.
* الخبير الاقتصادى