ساعات قليلة ويُفتح باب الانتخابات لاختيار رئيس مصر، الذى سيقودها خلال السنوات الست المقبلة.. ساعات قليلة ويتحمّل الناخبون مسئولية الاختيار وتحديد حاضر البلد ومستقبله.. ربما تكون هذه الانتخابات هى الأصعب والأدق فى تاريخ مصر الحديث.. ربما تكون أكثر أهمية بالنسبة لى على المستوى الشخصى من انتخابات 2014 و2018.. لأنها تأتى فى ظروف صعبة جرّاء الوضع الاقتصادى الخانق الذى يمر به العالم، نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية، وبعدها تفجّر العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.. وما تلاه من الكشف عن مخطط التهجير لسكان قطاع غزة.
فى السنوات الثمانى الماضية.. كانت مصر تخوض حروباً ضد مخططات التقسيم والإرهاب وإضعاف الدولة.. بينما تخوض الدولة المصرية الآن حرباً أشرس وأعنف ضد مخططات تهجير الفلسطينيين والتركيع الاقتصادى ومحاولة هدم ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية.
نجحنا خلال السنوات الماضية فى العبور من عنق الزجاجة وكسر شوكة الإرهاب وبداية سنوات التنمية، التى يظل فيها المواطن المصرى هو البطل الأوحد.. لحجم التضحيات الكبيرة التى قدّمها من أجل أن تعبر مصر كل هذه الألغام.. لنصل إلى المشهد الحالى.. أربعة مرشحين يتنافسون على مقعد رئيس مصر.
كل مواطن سقط من أسرته شهيد لتبقى الدولة المصرية بحدودها التاريخية كما هى فى مواجهة الإرهاب.. هو صاحب فضل فى ما وصلت إليه مصر الآن.. كل مواطن طالته نار ارتفاع الأسعار، واحتمل وقاوم؛ هو بطل وصاحب فضل فى ما وصلت إليه الدولة الآن.. نحن لا نبيع الوهم للناس.. فما تحقّق من تنمية شاملة طالت كل قطاعات الدولة صاحب الفضل فيه بعد الله هو المواطن المصرى.. الذى تحمّل وكافح وحارب ظروفاً قاسية من أجل وطنه ومن أجل مستقبل أبنائه.
نعم الظرف صعب.. والمشاهد المحيطة بنا من كل الحدود تؤكد أن معركتنا لم تنتهِ.. وأن سنوات العمل والكفاح مستمرة.. لا من أجل الحصول على حياة أفضل فقط.. ولكن لنترك لمن بعدنا وطننا بنفس حدوده ونسيج شعبه الواحد.. المواطنون الآن وحدهم أصحاب القرار.. سيختارون من يرون فيه أنه الأفضل والأصلح والقادر على تحقيق أحلامهم.. والأهم أن المواطنين يدركون هذا الأمر ويعرفون جيداً أن من سيتحمّل المسئولية سيكون فى اختبار صعب.. إكمال التنمية والحفاظ على الوطن وتحقيق أحلام المواطنين فى حياة أفضل ومستقبل أجمل لأولادهم.
عدم المشاركة فى الانتخابات خيانة لك بالمقام الأول.. لأنك تفرّط فى صوتك وفى حقك فى تحديد واختيار مستقبلك.. وخيانة لوطن لم تعد تصلح معه فلسفة «المقاطعة» أو عدم الاهتمام بما يحدث، تحت ادعاء أن المسألة محسومة.. فمَن حولنا يتمنون هذه اللحظة التى نعيشها الآن.. وهى لحظة انتخابات حقيقية تحدد من يقود الوطن.. دون انقسامات أو حروب أهلية أو صراعات نرى نتيجتها حولنا فى كل البلاد المجاورة لنا.. يتمنون أن يصلوا إلى هذه الحالة التى لا يرضى البعض عنها لمجرد أنه ينتمى إلى تيار لفظه الشعب وأعلن موته إلى الأبد لأنه خان وفرّط وباع الوطن بالكيلو فى أسواق العمالة ولمن يملك الثمن!
ستبقى مصر وسيبقى رجالها المخلصون، ليشهد التاريخ بما قدموا لها من تضحيات، وسيبقى المواطن المصرى الذى عاش هذه السنوات وتحمّل الكثير والكثير ولم يكفر بوطنه ولم يخُنه أو يبِعه، أملاً فى مستقبل أفضل، أو حتى حفاظاً عليه من التقسيم والتفريط فى ذرة تراب واحدة منه.
سيذكرهم التاريخ مثلما نذكر الآن جيل حروب 56 والاستنزاف ونصر أكتوبر العظيم.. فما قدّمه المواطن المصرى من تضحيات لا يقل عن هذه الأجيال العظيمة.. التى حقّقت لمصر النصر والعزة بعد سنوات طويلة من الانكسار.. تحيا مصر ويحيا الشعب المصرى العظيم صاحب الفضل الأول والأخير.