«الحكاية» ليست «حكايتنا»، بكل فصولها وبكل أخبارها وبكل أبطالها وبكل ما تحمله من «جعجعة»، فرق كبير بين «الحكاية» و«حكايتنا».. فـ«الحكاية» لها أهدافها وأغراضها ومآلاتها وتخدم مالكيها ومحركيها ومستفيديها، «الحكاية» تلمّع أصحابها وتعطيهم هالة وقدسية وتجعل منهم أبطالاً وأصحاب معالى وسمو وتساندهم ولا تنطق أسماءهم إلا تقول عنهم (حفظهم الله وسدد خطاهم وأطال عمرهم) وتدعو لهم وتجعل لحظة ابتسامتهم خبراً يتصدر الأوساط الإعلامية وتجعل تصريحاتهم انقلاباً هزّ كبرى القنوات الإخبارية العالمية، «الحكاية» خادمة أصيلة لأصحابها وأمينة على صورتهم وتقدمهم على أنهم ليسوا بشراً عاديين مثلنا بل ملائكة يمتلكون الصواب ولا شىء غير الصواب، «الحكاية» تنبهر بكل شىء وأى شىء يخرج من فم أصحابها ومالكيها، «الحكاية» -يا خسارة- كنا نعتقد أنها «حكايتنا» وجزء منا ومنتمية لنا وتناصرنا، لكن اكتشفنا أنها مجرد بوق لأصحابها فقط ولن تقول الحق عنا مهما حدث لكنها ستقول ما يقوله أصحابها فقط، اتضح أن «الحكاية» نشاز ولا أساس لها ولا ترتيب لفصولها وليست واقعية بل إنها خُلقت خصوصاً من أجل لىّ الحقائق وبث السموم ضدنا.. إذن «الحكاية» فيها سم قاتل فلا تسمعوها ولا تستمعوا لها ولا تصدقوها لأنها كاذبة من أولها لآخرها ومن بدايتها لنهايتها.. «الحكاية» ترتدى قناعاً وتحدثنا من خلف هذا القناع ولا نعرف عنه شيئاً وتتبنى مواقف لا تخدمنا ولا تنفعنا بل تضرنا.. «الحكاية» ليست فى صالحنا ولا تمت لنا بأى صلة بل تهيل التراب علينا وعلى مشروعاتنا ولا ترحب بأى إنجاز حققناه بل لا تذكره وإذا ذكرته -على استحياء- تتفه منه وتقلل منه.. «الحكاية» مراهقة وتردد كلاماً بلا وعى ويبدو أنها ناقصة وعى وأشياء أخرى.. «الحكاية» مجرد مكلمة صداها واسع لأنها ضالة ومضلِّلة ومضلَّلة وللأسف تجد جمهوراً بالخارج يرحب بهذا الضلال.. «الحكاية» شخوصها يعيشون فى دور النجوم لكنهم فى حقيقة الأمر -والله على ما أقول شهيد- هم مجرد أبواق تجرح الوطن مرات كثيرة وتغنى مائة مرة وتطبل ألف مرة وتلحن وترقص مليون مرة لأصحابها ومالكيها.. من الآخر: الحكاية ليست حكايتنا.
.. نعم «الحكاية» ليست حكايتنا، فـ«حكايتنا» معروفة وهى: أننا شعب طيب وأرضنا غالية علينا وأمننا القومى لا نقبل المساس به ونعرف كيف نحميه، وقرارنا ملكنا وفى أيدينا ولن نقبل أن يشاركنا أحد فى صنع قرارنا، نحن شعب لديه من النخوة الكثير ونغار على وطننا من الهواء الطائر ولن نقبل أن يمس، وكرامتنا فى السماء وسمعتنا معروفة بأننا الصخرة التى تتحطم عليها أطماع الأعداء، نحن شعب انتصر فى حرب العزة فى أكتوبر ١٩٧٣ وأعاد أرضه شبراً شبراً، نحن شعب حينما يكون مواطنوه الموجودون فى قطاع غزة عائدين وموجودين فى معبر رفح فإنهم يدخلون لأرض الوطن دون أى تدخل من أحد ودون وساطة من أحد ودون أختام من أحد -فقط أختامنا- ودون عرض أسمائهم على أحد، نحن دولة ذات سيادة، لم ينل منا أى محتل وجميعهم خرجوا مهزومين ولم يؤثروا فينا بل نحن الذين أثرنا فيهم والدليل أن الإنجليز خرجوا من أراضينا وهم يتحدثون «عربى مكسر».. رفضنا تهجير الأشقاء الفلسطينيين حتى لا تضيع قضيتهم، ولن تضيع، لأننا نتبنى قضيتهم ونعتبرها قضيتنا ولن نسمح بتصفيتها أو محوها أو اغتصاب أراضيهم فى عز الظهر.. «حكايتنا» أننا شعب يريد العيش فى سلام وأمان، وبرغم الظروف الاقتصادية الصعبة فى جميع دول العالم إلا أننا نعيش بكرامتنا مستورين ونكافح من أجل لقمة العيش ونبنى بلدنا ونحافظ عليها وسنحافظ عليها بكل ما أوتينا.. «حكايتنا» أننا مستهدفون على طول الخط، وهذا قدرنا، لكننا فى عز أزمتنا تخرج إرادتنا وصلابتنا وتماسكنا، فذات يوم حاول التيار المتطرف «بلع» وطننا فقمنا وثُرنا وعاد لنا الوطن منهكاً ومريضاً، بعدها كانت أوضاعنا تحتاج علاجاً وترميماً، جمعنا قوانا وقررنا أن نبدأ عملية العلاج والترميم ثم دخلنا مرحلة البناء والتحديث فنجحنا وحققنا نتائج لم نكن نحلم بها، نعلم أن أمامنا تحديات ومخاطر لكننا على يقين أن الله -عز وجل- معنا وسنعبرها وسنصل لبر الأمان.