قياس ضغط الدم فن وعلم
د. أحمد عبداللطيف رمضان
أستاذ أمراض القلب - كلية طب جامعة الأزهر
ارتفاع ضغط الدم، المرض الخطير الذى يؤدى إلى الذبحة الصدرية والشلل النصفى والفشل الكلوى ومضاعفات أخرى لا بد لنا اليوم من تشخيصه بطريقة علمية سليمة ومؤكدة، ثم لا بد لنا أيضاً أن نتخير العلاج المناسب الذى يختلف من حالة إلى حالة بناء على تشخيص دقيق.
لم يعد مقبولاً أبداً أن نشخص الحالة بمجرد قياس الضغط مرة واحدة وفى ظروف عشوائية كما يحدث الآن فى العيادات والصيدليات هناك الآن إجماع علمى فى كل المؤتمرات الدولية وندرسه للطلبة على أسلوب معين لتشخيص ارتفاع ضغط الدم نلخصه كما يلى: يجلس المريض فى وضع مريح لمدة ربع ساعة فى مكان هادئ بغير ضوضاء وتكون قد مضت ساعتان على الأقل لم يتناول طعاماً ولم يدخن سيجارة ولا يكون محتبساً للبول أو يشعر بأى آلام ثم يقاس الضغط ثلاث مرات بين كل مرة دقيقتان، ثم يزور المريض الطبيب أربع أو خمس زيارات بين كل زيارة والأخرى أسبوع على الأقل ويتكرر فى كل زيارة ما حدث فى الزيارة الأولى ولكن قد يكون تكرار الزيارات غير ميسور بالنسبة للطبيب أو المريض وهنا نلجأ للتشخيص بتسجيل قياس الضغط على مدى 24ساعة.
التشخيص بتسجيل قياس الضغط على مدى 24ساعة يعد الآن أحدث وأدق الطرق لتشخيص ارتفاع ضغط الدم وهو أيضاً يشخص المضاعفات التى قد تصاحب ارتفاع ضغط الدم ويحدد درجة ومرحلة ضغط الدم وبذلك يمكن تحديد العلاج اللازم لكل حالة والذى يختلف من حالة إلى أخرى وذلك على أساس علمى سليم وليست بطريقة عشوائية كما يحدث فى معظم الأحيان ويتم هذا كله بواسطة جهاز تسجيل يعلق فى حزام البنطلون ويعود المريض بعد 24 ساعة، فيتم توصيل جهاز التسجيل بالكمبيوتر فنحصل على قياس الضغط فى اليقظة والنوم والعمل والراحة والحركة والسكون وهذا كله يوفر للطبيب المعالج معلومات قيمة وضرورية تمكنه من التصرف السليم وتحديد الأدوية المناسبة للحالة على أساس علمى سليم.
ويحدث الآن كثيراً أن نشاهد مرضى يتعاطون أدوية الضغط منذ بضع سنين ويشكون من الإرهاق والدوار وربما أيضاً من نوبات إغماء ويتبين أنهم ليسوا من مرضى الضغط وأنهم ظلوا طوال هذه المدة يأخذون الأدوية ويعانون من آثارها ويدفعون مبالغ كبيرة فى شرائها وهى تضرهم ولا تنفعهم وذلك نتيجة لتشخيص خاطئ لم يراعَ فيه الأسلوب العلمى السليم.
ونشاهد أيضاً الكثير من مرضى الضغط الذين يتناولون أدوية الضغط مثنى وثلاث ورباع ولا يستجيب الضغط ولا تتحسن الحالة وذلك لأن أسلوب العلاج واختيار الأدوية لم يكن على أساس علمى سليم.
من هنا ندعو إلى إنشاء مراكز متخصصة لتشخيص وعلاج ارتفاع ضغط الدم، فهو مرض بالغ الخطورة واسع الانتشار وهذه المراكز ترحم البشرية من الكثير من أسباب الألم والعجز والوفاة وتوفر على الدولة الملايين مما ينفق على العلاج والله الموفق.